إشكالية تنزيل السوار الإلكتروني في المغرب، رأي قانوني – الباحث : ميمون اليوب
[]
إشكالية تنزيل السوار الإلكتروني في المغرب، رأي قانوني
باحث بماستر الحكامة القانونية الرقمية وحماية المعطيات
كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بقلعة السراغنة
جامعة القاضي عياض –مراكش-
إشكالية التنزيل التقني والإداري للسوار الإلكتروني :
يعد السوار الإلكتروني وسيلة حديثة لتدبير العقوبات البديلة، غير أن تنزيل هذا النظام في المغرب يواجه تحديات تقنية وإدارية، أبرزها غياب البنية التحتية الرقمية المتكاملة، وصعوبة التنسيق بين مختلف المؤسسات الأمنية والقضائية، فالسوار يتطلب نظام مراقبة دقيق يعمل على مدار الساعة، وهو ما يصطدم بضعف التجهيزات التقنية في بعض المناطق، خاصة النائية منها.
قلة الموارد البشرية وتأثيرها على فعالية المراقبة:
من أبرز العوائق التي تواجه اعتماد السوار الإلكتروني في المغرب هي النقص الحاد في الموارد البشرية المؤهلة لمواكبة هذا النظام، فالمراقبة المستمرة للمستفيدين من هذا الإجراء تتطلب فرقا مدربة في مجالات التكنولوجيا، الأمن، والقانون، وهو ما لا يتوفر بشكل كاف، هذا النقص يهدد فعالية النظام، إذ قد يؤدي إلى اختلالات في التتبع أو تأخر في التدخل عند حدوث خروقات، كما أن الضغط المتزايد على الموظفين الحاليين قد ينعكس سلبًا على جودة الأداء ويزيد من نسبة الأخطاء .
الحاجة إلى رؤية إصلاحية شاملة:
لتجاوز هذه الإشكالات، يحتاج المغرب إلى تبني رؤية إصلاحية شاملة تدمج التكنولوجيا في العدالة الجنائية بشكل تدريجي ومدروس، ويجب الاستثمار في تكوين الكفاءات البشرية، وتوفير الموارد التقنية، وتحديث النصوص القانونية بما يضمن حماية الحقوق والحريات، كما أن إشراك المجتمع المدني في النقاش حول العقوبات البديلة قد يسهم في تعزيز الثقة في هذا النظام، فالسوار الإلكتروني ليس مجرد أداة تقنية، بل هو جزء من تحول ثقافي في تصور العقوبة، يتطلب تضافر الجهود لضمان نجاحه واستدامته.
السوار الإلكتروني وحماية المعطيات الشخصية للنزيل:
يعد استخدام السوار الإلكتروني كأحد وسائل العقوبات البديلة تطورًا مهمًا في منظومة العدالة الجنائية، إلا أنه يثير إشكاليات قانونية وأخلاقية تتعلق بالخصوصية الرقمية وحماية المعطيات الشخصية للنزيل.
فالسوار الإلكتروني يعمل على تتبع حركة الفرد بشكل دائم، مما يعني جمع بيانات دقيقة عن موقعه الجغرافي وسلوكياته اليومية، هذا النوع من المراقبة قد يُنظر إليه على أنه انتهاك للحق في الخصوصية، خاصة إذا لم تكن هناك ضمانات قانونية صارمة تحدد كيفية استخدام هذه البيانات، والجهات المخولة بالوصول إليها، ومدة الاحتفاظ بها، كما أن غياب الشفافية في إدارة هذه المعلومات قد يفتح الباب أمام إساءة استخدامها أو تسريبها، مما يهدد كرامة النزيل ويقوض مبدأ إعادة الإدماج الاجتماعي الذي تقوم عليه العقوبات البديلة.
وعلى الرغم من التحديات المذكورة، فإن تنفيذ هذا المشروع الحيوي المتعلق بالعقوبات البديلة يبقى رهينًا بانخراط وتنسيق جهود مختلف الأطراف المعنية، من المندوبية العامة لإدارة السجون، إلى السلطات القضائية والأمنية والإدارية، باعتبارهم الركائز الأساسية لإنجاح هذا الورش وتحقيق أهدافهالمنشودة.