استخدامات الذكاء الاصطناعي في القضاء – الباحث : عبدالله سعود بدر الريامي – تحت إشراف الدكتور/ عالي طوير

[]

استخدامات الذكاء الاصطناعي في القضاء

Uses of Artificial Intelligence in the judiciary

الباحث : عبدالله سعود بدر الريامي

باحث في سلك الدكتوراه تخصص القانون الخاص (القانون التجاري)

جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالسويسي

تحت إشراف الدكتور/ عالي طوير

هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 59 الخاص بشهر غشت / شتنبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/KWIZ8576
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

 

 

استخدامات الذكاء الاصطناعي في القضاء

Uses of Artificial Intelligence in the judiciary

الباحث : عبدالله سعود بدر الريامي

باحث في سلك الدكتوراه تخصص القانون الخاص (القانون التجاري)

جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالسويسي

تحت إشراف الدكتور/ عالي طوير

ملخص:

لم يعد الذكاء الاصطناعي في العصر الحالي مجرد أداة تقنية بل أصبح عنصرًا أساسيًا يعيد تشكيل الأنظمة القضائية والقانونية بشكل جذري.

إن تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تعد تقتصر على تحسين كفاءة العمل القانوني فحسب، بل باتت تؤثر على القرارات الحاسمة وتعيد صياغة طبيعة العمل القضائي والقانوني بوجهٍ عام كما نعرفه اليوم.

وهذا التأثير يتطلب منا التعمق في فهم الأبعاد المختلفة لهذه التقنيات، ومواكبة تطورها بما يضمن تحقيق العدالة مع الحفاظ على القيم الأخلاقية والمبادئ القانونية الراسخة.

الكلمات المفتاحية:الذكاء الاصطناعي، القضاء، البرامج، التكنولوجيا، التطبيقات، الخوارزميات.

Abstract:

In the current era, artificial intelligence (AI) is no longer merely a technical tool; it has become a transformative force reshaping judicial and legal systems.

Artificial intelligence technologies go beyond enhancing the efficiency of legal work—they now influence critical decisions and redefine the very nature of legal and judicial processes.

This profound impact necessitates a deeper examination of these technologies and a proactive approach to keeping pace with their rapid development, to ensure the realization of justice while upholding ethical standards and established legal principles.

Keywords: Artificial intelligence, Judiciary, The program, Technology, Application.

موضوع وأهداف وأهميته والمنهجية المتبعة في البحث:

– يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه التكنولوجيا التي تحاكي القدرات البشرية من تحليل البيانات، واتخاذ القرارات، والتعلم من التجارب().

أما في المجال القانوني، يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات مبتكرة لتحليل النصوص القانونية، وتوقع نتائج القضايا، وتسريع الإجراءات المعقدة().

هذه الإمكانات تجعل الذكاء الاصطناعي ضرورة حتمية في العصر الرقمي الذي نعيشه، حيث تتزايد الحاجة إلى أدوات متقدمة لمعالجة الكم الهائل من المعلومات القانونية بفعالية ودقة.

– يهدف البحث إلى دراسة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القانونية، وتحليل التحديات القانونية والأخلاقية، ومقارنة بين التجارب الدولية.

– تكمن أهمية البحث في تسليط الضوء على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين العدالة وكفاءة النظام القانوني، وتقييم الفرص والتحديات التي تواجهه العمل القضائي والقانوني في العصر الرقمي.

– يعتمد هذا البحث على منهج تحليلي ومقارن يجمع بين النظريات القانونية الحديثة والتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي. ويتم تحليل البيانات والمعلومات من خلال دراسات حالة، وأمثلة عملية من أنظمة قضائية متعددة حول العالم. كما يستخدم منهج مقارن لاستعراض الفروق بين التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي في الأنظمة القانونية بالدول الرائدة في هذا المجال.

خطة البحث:

البحث يشتمل على مقدمة وفصلين وخاتمة.

المقدمة: الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في العمل القانوني.

الفصل الأول: تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني.

المبحث الأول: أدوات الذكاء الاصطناعي في التحليل القانوني.

المبحث الثاني: تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي في القضاء.

الفصل الثاني: الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات (مقارنة دولية وأمثلة عملية).

المبحث الأول: استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات.

المبحث الثاني: مقارنة بين استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات في دول العالم، وأمثلة عملية لقضايا تمت باستخدام الذكاء الاصطناعي.

الخاتمة: وتشمل على نتائج البحث.

المقدمة:

تُعد التكنولوجيا من العناصر الأساسية التي أحدثت ثورة في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك المجال القانوني.

وفي هذا البحث، نتناول تاريخ تطور التكنولوجيا في العمل القانوني وكيفية تأثيرها على أساليب العمل في المحاكم في الفقرة الأولى، والدور الذي تلعبه الأدوات التكنولوجية في تسريع الإجراءات القانونية وتحسين كفاءتها في الفقرة الثانية.

أولاً- (أ) تاريخ تطور التكنولوجيا في العمل القانوني:

بدأ استخدام التكنولوجيا في المجال القانوني في النصف الثاني من القرن العشرين، مع ظهور أجهزة الكمبيوتر والبرمجيات التي ساعدت في تنظيم وتخزين الوثائق القانونية. حيث كانت بداية استخدام التكنولوجيا في المحاكم والمؤسسات القانونية متواضعة جدًا، بحيث اقتصرت على حفظ البيانات وتنظيمها باستخدام أنظمة الحاسوب.

ففي السبعينيات، بدأت بعض المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أنظمة الكمبيوتر لتخزين البيانات القانونية. ومع ذلك لم يكن هناك تأثير كبير على سير العمل بسبب محدودية الأنظمة التكنولوجية في ذلك الوقت(). وعند ظهور البرمجيات القانونية المتخصصة في الثمانينيات والتسعينيات، ظهرت العديد من البرمجيات المتخصصة التي ساعدت في أتمته العديد من العمليات القانونية. وأصبحت المحاكم تستخدم أنظمة لإدارة القضايا والأدلة، مما ساهم في تحسين كفاءة العمل.

وفي بداية التسعينيات، بدأ استخدام نظام “التمويل الإلكتروني” في المحاكم الأمريكية الذي كان يسمح بحفظ البيانات المتعلقة بالقضايا وصدور الأحكام إلكترونيًا، مما سهل عملية الاستعلام عن القضايا وإجراءات المحاكم. ومع دخول القرن الواحد والعشرين، تطورت أنظمة إدارة القضايا بشكل ملحوظ وأصبح من الممكن للمحاكم تنظيم القضايا وتنفيذ الإجراءات بشكل أكثر سرعة ودقة. حيث تم استخدام الأنظمة الإلكترونية لمتابعة جميع تفاصيل القضية، بدءًا من تسجيل القضية حتى إصدار الأحكام. مما أتاحت هذه الأنظمة بتقليص استخدام الورق وتقليل الفترات الزمنية المطلوبة لمعالجة القضايا.

ففي عام 2000م، بدأت بعض المحاكم في دول مثل كندا وأستراليا تطبيق أنظمة إدارة القضايا الإلكترونية (CMS) التي ساعدت في تحسين الإدارة الداخلية للمحاكم وتقليل الفجوات بين الأطراف المعنية بالقضية(). وبدأ في العقد الأخير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني بشكل متزايد. بحيث أصبحت المحاكم تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحليل القضايا وتحسين الكفاءة، وتستخدم الخوارزميات المتقدمة في تصنيف القضايا، وتقديم تنبؤات حول النتائج المحتملة للقضايا، مما يساعد القضاة والمحامين في اتخاذ قرارات مستنيرة. ففي بعض المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات

القانونية وتحسين عملية اتخاذ القرارات، مما ساعد على تقليل التأخيرات في إصدار الأحكام.

(ب) تأثير التكنولوجيا على أساليب العمل في المحاكم:

1- أتمته الإجراءات القانونية: أحدثت التكنولوجيا تحولًا جذريًا في كيفية إجراء الإجراءات القانونية داخل المحاكم. حيث إن أنظمة إدراة القضايا التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات أصبحت تساهم بشكل كبير في تسريع الإجراءات القانونية وتقليل الأخطاء البشرية، وذلك من خلال أتمته تسجيل البيانات وتحديد مواعيد الجلسات، أصبح العمل في المحاكم أكثر انتظامًا وكفاءة.

ففي السويد مثلًا، تم تطبيق نظام “تكنولوجيا القضايا الإلكترونية” الذي يساعد في أتمته جميع جوانب الإجراءات القانونية من تقديم الدعوى حتى إصدار الحكم النهائي، مما أسهم في تسريع العملية القانونية وتحقيق العدالة بشكل أسرع().

2- تحسين الكفاءة في التعامل مع القضايا: أحدثت تكنولوجيا المعلومات تحسنًا كبيرًا في كفاءة التعامل مع القضايا القانونية. ومن خلال أدوات البحث المتقدمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكن للمحامين والقضاة الوصول إلى القوانين والأحكام السابقة بسهولة ودقة، مما ساهم في اتخاذ قرارات قانونية سليمة بناءً على الوقائع السابقة.

أما في المملكة المتحدة، تستخدم المحاكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحليل السجلات القانونية، التي تساعد في تقليل الوقت اللازم لإيجاد السوابق القانونية المناسبة، وبالتالي تسريع الفصل في القضايا.

3- تحسين الوصول إلى العدالة: توفر تكنولوجيا المعلومات في المحاكم إمكانية الوصول إلى العدالة بشكل أسرع وأكثر عدالة. فعلى سبيل المثال، المحاكم الإلكترونية تتيح للأطراف المعنية في القضية متابعة تطورات القضايا بشكل إلكتروني، مما يقلل من الحاجة للتواجد الشخصي في المحكمة ويتيح للأطراف الحصول على المعلومات القانونية في الوقت المناسب.

وفي الهند، قامت المحاكم بتطبيق نظام “سجل المحاكم الإلكتروني” الذي سمح للمواطنين في

الاطلاع على نتائج القضايا عبر الإنترنت، مما سهل الوصول إلى العدالة خاصة في المناطق النائية.

4- تأثير الأتمته على الأمن والخصوصية: في حين أن استخدام التكنولوجيا في المحاكم ساعد في تحسين الكفاءة، فإنه يثير أيضًا بعض القضايا المتعلقة بالأمن والخصوصية. إن تخزين البيانات القانونية إلكترونيًا يجعل هذه البيانات عرضة للتهديدات السيبرانية، مما يتطلب أنظمة أمان قوية للمحافظة على سرية المعلومات وحمايتها من أي اختراقات.

ففي بعض المحاكم، مثل محاكم نيوزيلندا، تم إدخال إجراءات أمنية مشددة مثل التشفير لحماية البيانات القانونية من أي اختراقات أو تسريبات.

ثانياً- الأدوات التكنولوجية المستخدمة في العمل القانوني:

إن استخدام البرامج والتطبيقات القانونية قد أحدث تحولًا كبيرًا في الطريقة التي يعمل بها المحامون والقضاة في جميع أنحاء العالم. وهذه الأدوات تساهم في تسريع الإجراءات القانونية، وتقليل التكاليف، وتحسين دقة العمل القانوني.

1- برامج إدارة القضايا القانونية:

تعد برامج إدارة القضايا من الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها المحامون والهيئات القضائية لتنظيم سيرالقضايا. وهذه الأنظمة تتضمن أدوات تسهل متابعة القضايا المختلفة وتنظيم الملفات القانونية والتواصل بين المحامين والموكلين. ومن بين أبرز هذه التطبيقات المستخدمة:

أ- برنامج (Clio) عدّ برنامج سليو هو أحد أبرز برامج إدارة القضايا القانونية على مستوى العالم، حيث يتيح للمحامين مجموعة متكاملة من الأدوات التي تساعدهم في تحسين إدارة مكاتبهم. ويوفر البرنامج إمكانية تتبع القضايا وتنظيم المواعيد وإرسال الفواتير وحفظ سجلات العملاء بشكل منظم وفعّال. وبرنامج (Clio) أداة أساسية تسهم في تعزيز الكفاءة وتحسين سير العمل داخل مكاتب المحاماة.

ب- برنامج (My Case) ماي كيس، هذا البرنامج وفر مجموعة متنوعة من الميزات مثل تنظيم الملفات القانونية وإرسال الرسائل بين المحامي والعميل وكذلك ترتيب الجلسات القانونية. ويعُد برنامج (My Case) ماي كيس مثالًا على كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين كفاءة إدارة المحاكم.

ووفقاَ لدراسة أجرتها (Journal of Legal Tech) أظهرت نتائج استخدامها في الولايات المتحدة الأمريكية أن البرامج مثل (Clio) أدت إلى تسريع عملية اتخاذ القرارات داخل مكاتب المحاماة بنسبة تصل إلى 30%().

2- نظم إدارة القضايا الإلكترونية:

مع تطور تكنولوجيا المعلومات أصبحت المحاكم في العديد من الدول تعتمد على نظم إدارة القضايا الإلكترونية. حيث تهدف هذه الأنظمة إلى تسهيل التعامل مع القضايا وتوفر منصة رقمية تسهل متابعة الإجراءات وإدارة الملفات وتنسيق المواعيد بين الأطراف المعنية بالقضية.

أ- نظام (Pacer) ففي الولايات المتحدة يعُد هذا النظام إحدى أشهر أنظمة إدارة القضايا الإلكترونية، الذي يوفر الوصول إلى ملفات القضايا الفيدرالية. حيث يتيح هذا النظام للمحامين والقضاة والمواطنين الاطّلاع على المستندات القانونية المرتبطة بالقضايا المختلفة بسهولة.

ب- نظام (e Court) ففي الهند يعُد هذا النظام أحد أبرز الأنظمة التي يتم استخدامها في المحاكم الهندية. حيث يتيح النظام للأطراف المعنية الوصول إلى تفاصيل القضايا عبر الإنترنت مما يسرع الإجراءات ويوفر الوقت.

ففي دراسة أقامتها مجلة (Journal of Law and Technology) عام 2023م، تبين أن استخدام نظم إدارة القضايا الإلكترونية قد ساعد في تقليص التأخيرات في المحاكم بنسبة تتراوح بين 15% إلى 40% مما يظهر قدرة هذه الأنظمة على تحسين سرعة سير الإجراءات القضائية.

3- تطبيقات البحث الذكي:

أحد أبرز الاستخدامات للتكنولوجيا في العمل القانوني هو استخدام تطبيقات البحث الذكي التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي للبحث عن السوابق القضائية والقوانين والأحكام ذات الصلة بالقضية. وتساعد هذه التطبيقات المحامين في الوصول السريع إلى المعلومات الدقيقة مما يساهم في تسريع البحث وإعداد القضايا().

أ- برنامج (Ross Intelligence) يعتمد هذا البرنامج على الذكاء الاصطناعي لمساعدة المحامين في البحث عن قوانين سابقة تتعلق بالقضية. ويقوم هذا البرنامج بتحليل الأسئلة القانونية وتقديم الإجابات التي تستند إلى البيانات القانونية المتوفرة، مما يوفر الوقت والجهد في عملية البحث التقليدية.

ب- برنامج (Lexis Nexis) ويعد من أشهر منصات البحث القانونية التي توفر قاعدة بيانات ضخمة من القوانين والسوابق القضائية والمقالات القانونية. ويتم استخدامه في العديد من البلدان لتحسين دقة وكفاءة البحث القانوني.

أظهرت دراسة أجرتها مجلة (Legal Research Journal)، أن استخدام أدوات البحث الذكي مثل (Ross Intelligence) أسهم في تقليل الوقت الذي يحتاجه المحامون لإعداد القضايا بنسبة 25%، كما زاد من دقة البحث القانوني بشكل ملحوظ.

4- أتمته العقود باستخدام الذكاء الاصطناعي:

من الأدوات التكنولوجية الأخرى التي تسهم في تسريع الإجراءات القانونية هي البرمجيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لأتمته عملية صياغة العقود. وهذه الأنظمة تساعد المحاميين في إعداد العقود بسرعة ودقة وتقليل الأخطاء البشرية.

أ- برنامج (Contract Pod Ai) ويقدم هذا البرنامج أدوات متقدمة لأتمته صياغة العقود، ويساعد في تنظيم عملية كتابة العقود باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يحلل البيانات القانونية لتقديم عقود قانونية دقيقة ومبنية على احتياجات العملاء.

ففي دراسة أجرتها مجلة (AI Legal Tech Journal) في عام 2024م، أظهرت أن استخدام أتمته العقود أدى إلى تقليص الوقت اللازم لإعداد العقود بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالطرق التقليدية().

5- التحديات التي تواجه تطبيق هذه الأدوات:

على الرغم من الفوائد الكبيرة التي تقدمها هذه الأدوات التكنولوجية في تسريع الإجراءات القانونية، إلا أن هناك العديد من التحديات التي قد تواجه المحاميين أثناء تطبيقها، ومن بين أبرز هذه التحديات كالتالي:

أ- التكلفة: بعض الأدوات مثل نظم إدارة القضايا الإلكترونية قد تكون مكلفة، خاصة بالنسبة للمحاميين الصغار أو المحاكم التي لا تمتلك الميزانية الكافية.

ب- التدريب: يحتاج المحامون إلى تدريب متخصص لاستخدام هذه الأدوات بفعالية، وغياب هذا التدريب قد يؤدي إلى سوء استخدام هذه الأنظمة أو تأخر الإجراءات بدلًا من تسريعها.

ج- الأمان والخصوصية: مع تخزين البيانات القانونية بشكل إلكتروني، يصبح الأمر عرضة للمخاطر الأمنية مثل الهجمات الإلكترونية والاختراقات. وهذا يتطلب استخدام تدابير أمان صارمة لحماية المعلومات القانونية الحساسة.

الفصل الأول: تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني

أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة كبيرة في العديد من المجالات، بما في ذلك العمل القانوني.

حيث يعتمد الآن المحامون بشكل متزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وتعزيز الدقة في التحليل القانوني.

المبحث الأول: أدوات الذكاء الاصطناعي في التحليل القانوني

يوفر الذكاء الاصطناعي مجموعة من الأدوات التي تسهم في تسريع عملية اتخاذ القرارات القانونية وتسهيل الوصول إلى المعلومات الضرورية.

المطلب الأول- أدوات التنبؤ بنتائج القضايا:

تعد أدوات التنبؤ بنتائج القضايا واحدة من أبرز التطبيقات المتقدمة للذكاء الاصطناعي في المجال القانوني.

وتعتمد هذه الأدوات على تحليل البيانات التاريخية للقضايا المشابهة واستخدام الخوارزميات للتنبؤ بنتائج القضايا المستقبلية.

هذا النوع من الأدوات يمكن أن يساعد المحامين في تقديم المشورة الأفضل للعملاء وتحديد مدى احتمال نجاح القضية.

الفرع الأول- آلية العمل والتطبيقات العملية:

أولاً- آلية العمل:

تعتمد أدوات التنبؤ في القضايا على معالجة كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بالقضايا السابقة، بما في ذلك تفاصيل القضية، الأحكام الصادرة، وتوجهات القضاة.

ويستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلم الآلي لتحليل هذه البيانات واستخلاص الأنماط. على سبيل المثال، يمكن أن تتعلم الخوارزميات من القرارات القضائية السابقة وتتنبأ بمدى احتمال فوز أحد الأطراف في قضية معينة بناءً على المعايير التي تم تحليلها().

ثانياً- التطبيقات العملية:

تُستخدم هذه الأدوات في مجموعة متنوعة من التخصصات القانونية، من بينها:

أ- القضايا التجارية: ففي قضايا مثل العقوبات المالية أو المنازعات التجارية، يمكن أن تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي المحامين على التنبؤ بالنتائج بناءً على القضايا السابقة ذات الصلة.

ب- القضايا الجنائية: يتم استخدامها لتحليل نتائج القضايا الجنائية وتقديم تقديرات حول الحكم الذي قد يصدر بناءً على الأدلة والشهادات.

ففي عام 2018م قامت إحدى الشركات القانونية في الولايات المتحدة باستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل القضايا التجارية، حيث قدمت توقعات دقيقة حول نتائج القضايا المتشابهة. هذا ساعد الشركة في تحسين استراتيجياتها وتوجيه المحامين بشأن القضايا ذات الاحتمالية المنخفضة للفوز.

الفرع الثاني- المزايا والتحديات:

أولاً- المزايا: تسهم أدوات التنبؤ في زيادة الكفاءة في تقديم المشورة القانونية، حيث توفر تحليلاً سريعاً وشاملاً للبيانات.

ثانياً- التحديات: على الرغم من فوائدها يمكن أن تكون هذه الأدوات عرضة للخطأ إذا كانت البيانات المدخلة غير كافية أو كانت هناك تغييرات في الاتجاهات القانونية. إضافة إلى ذلك يمكن أن تكون النماذج الحسوبية غير قادرة على التنبؤ بكل العوامل المتغيرة في القضايا القانونية.

المطلب الثاني- استخدام الذكاء الاصطناعي في مراجعة الوثائق القانونية:

تعد مراجعة الوثائق القانونية من المهام الشاقة التي تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب دقة عالية. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تسريع هذه العملية وتحسين فعاليتها.

الفرع الأول- آلية العمل والتطبيقات العملية:

أولاً- آلية العمل:

يستخدم الذكاء الاصطناعي في مراجعة الوثائق القانونية من خلال أدوات تعرف على النصوص والمحتوى (Natural Language Processing – NLP) وتقوم هذه الأدوات بتحليل النصوص القانونية وتحديد الكلمات أو العبارات الرئيسية، وتصنيف الوثائق بناءً على الموضوعات أو القوانين المعنية().

كما يمكن لهذه الأدوات البحث في آلاف الوثائق القانونية في وقت قصير جداً، مما يقلل بشكل كبير من الوقت الذي يستغرقه المحامون في مراجعة هذه الوثائق يدوياً.

ثانياً- التطبيقات العملية:

من أشهر التطبيقات العملية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مراجعة الوثائق القانونية كالأتي:

ا- مراجعة العقود: في القضايا التي تتعلق بالعقود، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل العقود السابقة لاستخراج الشروط القانونية المهمة وتقديم اقتراحات حول البنود التي قد تحتاج إلى تعديل أو إضافات.

2- التدقيق في البيانات القانونية: يمكن للذكاء الاصطناعي مراجعة الوثائق القانونية الكبرى مثل المعاملات المالية أو سجلات الشركات للتحقق من الامتثال للقوانين. مثال على ذلك هو استخدام الذكاء الاصطناعي في مراجعة عقود الدمج والاستحواذ (M&A)، حيث يتم استخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية لتحليل الآلاف من صفحات العقود في دقائق، مما يساعد الشركات القانونية على تحديد المخاطر المحتملة بسرعة أكبر.

الفرع الثاني- المزايا والتحديات:

أولاً- المزايا: يساعد الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية مراجعة الوثائق وتقليل الأخطاء البشرية، مما يسمح للمحامين بالتركيز على المهام الأكثر تعقيداً.

ثانياً- التحديات: لا يزال الذكاء الاصطناعي يعاني من تحديات فيما يتعلق بفهم السياق القانوني المعقد للوثائق في بعض الأحيان، خاصة في العقود التي تحتوي على مصطلحات قانونية معقدة.

المطلب الثالث- أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل السوابق القضائية:

إحدى الأدوات الأخرى التي يتيحها الذكاء الاصطناعي هي تحليل السوابق القضائية. هذه الأدوات تقوم بجمع وتحليل قرارات المحاكم السابقة واستخلاص الأنماط القانونية، مما يسهل على المحامي التنبؤ بكيفية تعامل المحكمة مع قضية مشابهة.

حيث يتم استخدام هذه الأدوات بشكل واسع في تحليل قضايا المحكمة العليا أو المحاكم ذات السلطة القضائية الكبيرة().

الفرع الأول- التطبيقات العملية:

أولاً- الاستشارة القانونية: يستخدم المحامون هذه الأدوات للحصول على فهم أسرع وأكثر دقة حول كيفية حكم المحاكم في قضايا مشابهة.

ثانياً- دراسة القرارات القضائية: يمكن للمحامي أن يحدد القرارات التي قد تؤثر في قضيته القادمة، وبالتالي يمكنه من اتخاذ قرارات قانونية مدروسة.

الفرع الثاني- المزايا والتحديات:

أولاً- المزايا: توفر أداة تحليل السوابق القضائية سرعة في الحصول على المعلومات القانونية الأساسية التي قد تكون صعبة المنال يدوياً.

ثانياً- التحديات: هناك مشكلة في تطبيق الذكاء الاصطناعي على قرارات قضائية تحتوي على تفسيرات قانونية معقدة قد تحتاج إلى فحص بشري شامل.

المبحث الثاني: تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي في القضاء

تعتبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القضاء من القضايا القانونية المعقدة التي تتطلب التوازن بين التقدم التكنولوجي وحماية القيم القانونية الأساسية.

يشكل استخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة القضاء العديد من التحديات التي تتعلق باستقلالية القضاء ومسؤولية اتخاذ القرارات القانونية.

وفي هذا المبحث، نستعرض تأثير الذكاء الاصطناعي على استقلالية القضاء بالإضافة إلى قضايا المساءلة والمسؤولية القانونية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

المطلب الأول- تأثير الذكاء الاصطناعي على استقلالية القضاء:

إن استقلالية القضاء تعد أحد المبادئ الأساسية في النظام القانوني، حيث أن ضمان أن يكون القاضي قادراً على اتخاذ قراراته بشكل مستقل ودون ضغط خارجي هو من أهم عناصر تحقيق العدالة. ومع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، يثار تساؤل حول مدى تأثير هذه التقنيات على هذا المبدأ؟

الفرع الأول- آلية التأثير:

تتمثل الآلية الأساسية التي يؤثر من خلالها الذكاء الاصطناعي في القضاء على قدرة الأنظمة الذكية على معالجة كميات هائلة من البيانات القانونية وتحليلها بشكل أسرع من البشر.

ومع ذلك تكمن المشكلة في أن القضاة قد يبدأون في الاعتماد بشكل مفرط على هذه الأنظمة التكنولوجية في اتخاذ قراراتهم القانونية().

وفي حال حدوث ذلك، قد يؤدي إلى تقليل من استقلالية القضاة، حيث يمكن أن تهيمن خوارزميات الذكاء الاصطناعي على القضايا بشكل يفقد القضاة القدرة على اتخاذ قرارات قانونية تتمحور حول مبادئ العدالة.

الفرع الثاني- المخاوف المرتبطة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي:

1- التحيز في الخوارزميات: قد تتسبب الخوارزميات المدربة على بيانات غير متوازنة في إصدار أحكام غير عادلة أو منحازة مما يهدد تحقيق العدالة.

2- فقدان القدرة على التأثيرالبشري: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تقليل حجم التأثيرالبشري في اتخاذ القرار، مما يضعف من قدرة القضاة على استخدام الفطرة السليمة والنظر في السياقات الاجتماعية والثقافية للقرار.

أولاً- التطبيقات العملية:

في بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ظهرت محاولات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المحاكمات. على سبيل المثال لا الحصر، تُستخدم بعض الأنظمة الذكية في تصنيف القضايا وتقديم استشارات أولية، لكن القضاة في الغالب يعتمدون على هذه الأنظمة كأداة مساعدة بدلاً من أن تكون هي المصدر الوحيد للقرار.

ثانياً- المزايا والتحديات:

أولاً- المزايا: من خلال الذكاء الاصطناعي، يمكن تسريع الإجراءات القضائية وتقليل الأعباء على القضاة، مما يسهم في تحسين كفاءة النظام القضائي.

ثانياً- التحديات: الخوف من تقليص استقلالية القاضي نتيجة للاعتماد الكبير على الأنظمة التكنولوجية، بالإضافة إلى القلق من فقدان عنصر العدالة البشرية في اتخاذ القرارات.

المطلب الثاني- قضايا المساءلة والمسؤولية القانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء:

تثير تقنية الذكاء الاصطناعي العديد من القضايا القانونية المعقدة المتعلقة بالمساءلة والمسؤولية في حالة حدوث أخطاء قانونية نتيجة لاستخدام هذه التقنيات. نظراً لأن الذكاء الاصطناعي

يعتمد على خوارزميات معقدة، فإنه من الصعب تحديد من المسؤول عندما تحدث أخطاء().

الفرع الأول- آلية المساءلة والمسؤولية:

من أبرز الأسئلة التي تثار في هذا السياق، هو من يتحمل المسؤولية إذا أدى قرار مدعوم بالذكاء الاصطناعي إلى إصدار حكم غير عادل.

في العديد من الحالات، تكون الأنظمة الذكية التي تدير القضايا تعتمد على بيانات تدريبية، وقد تكون هذه البيانات محملة بالتحيز أو غير دقيقة.

أولاً- أنماط المسؤولية المحتملة:

1- مسؤولية المصممين والمطورين: ففي حال حدوث خطأ في النظام، قد يكون المسؤول الأول هو مصمم النظام أو المطور الذي أنشأ الخوارزمية. لكن من الصعب تحديد حدود المسؤولية في هذه الحالات نظراً لطبيعة التعلم الذاتي للذكاء الاصطناعي.

2- مسؤولية المستخدمين (القضاة والمحامون): قد يُحمل القاضي أو المحامي المسؤولية إذا قرر اعتماد النظام الذكي كأداة وحيدة لاتخاذ القرار القانوني، مما يؤدي إلى مسؤوليتهم في حالة حدوث خطأ.

3- مسؤولية النظام نفسه: في بعض الحالات المتقدمة، قد تسعى بعض الأنظمة القضائية إلى تحميل الذكاء الاصطناعي نفسه مسؤولية اتخاذ القرارات الخاطئة، مما يثير تساؤلات حول مدى قانونية وشرعية هذا المبدأ.

ثانياً- التطبيقات العملية:

في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا، هناك قوانين تحدد المسؤولية القانونية في حالة حدوث خطأ ناتج عن تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القانونية. على سبيل المثال، في حالة حدوث خطأ في توصية بناءً على الذكاء الاصطناعي قد يكون القاضي ملزماً بتقديم تبرير لقراره، مما يعزز من المسؤولية الشخصية للقاضي في اتخاذ القرارات().

الفرع الثاني- المزايا والتحديات:

أولاً- المزايا: ضمان وجود آلية واضحة للمساءلة يمكن أن يحسن من شفافية النظام القضائي، ويعزز الثقة العامة في استخدام الذكاء الاصطناعي.

ثانياً- التحديات: صعوبة تحديد من المسؤول في حالات معينة نظراً لتعدد الأطراف المتورطة في تطوير واستخدام الأنظمة الذكية.

الفصل الثاني: الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات (مقارنة دولية وأمثلة عملية)

يُعد الذكاء الاصطناعي من أبرز التقنيات الحديثة التي أصبحت تساهم بشكل متزايد في العديد من المجالات القانونية، وخاصة في القضايا الجنائية.

ففي هذا الفصل، نتناول استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات في المبحث الأول، ومقارنة بين استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات في دول العالم وأمثلة عملية لقضايا تمت باستخدام الذكاء الاصطناعي في المبحث الثاني.

المبحث الأول: استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات

في هذا المبحث، سيتم تناول التطبيقات التكنولوجية التي تستخدم في تحليل القضايا الجنائية في الفرع الأول، ودور الذكاء الاصطناعي في تحديد أنماط الجرائم في الفرع الثاني. كما نستعرض أهمية هذه التقنيات في تحسين دقة التحليل الجنائي، بالإضافة إلى الاستفادة منها في اتخاذ قرارات قانونية أكثر فعالية.

الفرع الأول- التطبيقات التكنولوجية المستخدمة في تحليل القضايا الجنائية:

تتعدد التطبيقات التكنولوجية المستخدمة في تحليل القضايا الجنائية التي تساهم في تسريع الإجراءات القانونية وتحسين دقتها. ومن بين أبرز هذه التطبيقات:

1- برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل الأدلة: تستخدم الشرطة والمحاكم برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل الأدلة الجنائية، مثل الصور والفيديوهات والتسجيلات الصوتية.

فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في فحص سجلات الفيديو وتحليل حركة الأشخاص، لتحديد المشتبه بهم أو التحقق من صحة التهم الموجهة ضدهم().

كما يمكن لهذه البرامج فحص الأدلة الرقمية مثل رسائل البريد الإلكتروني أو المحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي، للكشف عن الدلائل التي قد تكون مخفية أو صعبة الاكتشاف.

2- أنظمة إدارة القضايا القانونية: تستخدم العديد من الدول أنظمة الذكاء الاصطناعي لإدارة القضايا الجنائية. تشمل هذه الأنظمة جمع البيانات القانونية وتنظيم الملفات وإدارة الوثائق.

وتساعد هذه الأنظمة في تحسين كفاءة المحاكم وذلك من خلال توفير وقت القضاة والمحامين في البحث عن السوابق القانونية أو المعلومات الضرورية.

كما تُسهم في تحليل القضايا الجنائية وتوفير حلول محتملة بناءً على سجلات سابقة للجرائم.

3- أدوات التنبؤ الجنائي: تعمل بعض البرامج على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الجنائية والتنبؤ بنوعية الجرائم التي قد تحدث في المستقبل.

ويمكن لهذه الأدوات التنبؤ بالمناطق أو الأوقات التي تكون فيها الجرائم أكثر احتمالاً، بناءً على تحليل أنماط الجرائم السابقة. وهذا يساعد الجهات الأمنية في وضع استراتيجيات لمنع الجرائم قبل وقوعها.

الفرع الثاني- دور الذكاء الاصطناعي في تحديد أنماط الجرائم:

يُعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية في تحديد أنماط الجرائم، حيث يقوم بتحليل البيانات التاريخية للجرائم وربطها بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي قد تؤدي إلى وقوع الجريمة. ويساعد هذا التحليل في فهم الأسباب المحتملة للجرائم، مما يسهل عملية الوقاية منها.

1- تحليل البيانات التاريخية للجرائم: من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات الجنائية السابقة، يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف الأنماط غير المرئية التي قد لا يتمكن البشر من ملاحظتها().

ويمكن للبرامج تحديد العوامل التي تسهم في حدوث الجريمة، مثل المناطق الجغرافية، الفترات الزمنية، الفئات الاجتماعية، أو الظروف الاقتصادية. بناءًا على هذا التحليل يمكن توجيه الموارد الأمنية إلى المناطق الأكثر عرضة للجرائم.

2- دراسة سلوك المجرمين: تستفيد المحاكم والشرطة من الذكاء الاصطناعي لدراسة المجرمين وتحديد سماتهم الشخصية التي قد تتكرر في المجرمين في حالات مشابهة. ويتم ذلك من خلال تحليل البيانات المتعلقة بالجرائم السابقة، بما في ذلك الأدلة والشهادات، ويستطيع الذكاء الاصطناعي تقديم أنماط سلوكية قد تساعد في تحديد هوية الجناة في حالات أخرى.

وهذا يمكن أن يكون مفيداً في التحقيقات الجنائية، خاصة في الحالات التي تتطلب تحديد الجاني بناءً على سلوكه أو أسلوبه في ارتكاب الجريمة.

3- تحليل التوجيهات الإجرامية: يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بتوجهات إجرامية جديدة بناءً على التغيرات في المجتمع. فعلى سبيل المثال، في حال حدوث تحول اقتصادي أو اجتماعي، قد تكون هناك زيادة أو تغّير في أنواع الجرائم التي يتم ارتكابها.

يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد هذه التوجهات من خلال دراسة أنماط الجرائم في الماضي، وبالتالي تمكين السلطات من اتخاذ التدابير الوقائية في الوقت المناسب().

* فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات:

1- تسريع الإجراءات القضائية: بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن تسريع الإجراءات القضائية بشكل كبير. وتساعد تقنيات مثل التحليل التنبؤي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في تقديم المشورة القانونية السريعة، وتحديد الأحكام المحتملة، ومراجعة الوثائق القانونية بسرعة، مما يقلل من الوقت الذي تستغرقه المحاكم في اتخاذ قرارات نهائية.

2- تحسين دقة الحكم: يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة الحكم القضائي من خلال توفير تحليلات دقيقة وموضوعية. ويمكن للذكاء الاصطناعي فحص كافة الأدلة بطريقة لا يمكن للبشر تنفيذها بنفس السرعة والدقة.

كما يمكنه من تقليل الأخطاء البشرية في التحليل، مما يساهم في رفع مستوى العدالة في النظام القضائي.

3- تعزيز القدرة على التحقيق والتفتيش: يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز قدرة المحققين على إجراء التحقيقات الجنائية بشكل أكثر كفاءة، خاصة في قضايا الجرائم المعقدة مثل الجرائم الإلكترونية أو الجرائم المنظمة. ومن خلال استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، يمكن استخراج أنماط الجريمة بسرعة مما يساعد في اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة.

المبحث الثاني: مقارنة بين استخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجنح والجنايات في دول العالم وأمثلة عملية لقضايا تمت باستخدام الذكاء الاصطناعي

تعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القضائية من التطورات التكنولوجية البارزة التي لها تأثير كبير في مجال القضاء وخاصة في قضايا الجنح والجنايات.

في هذا المبحث، سيتم دراسة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القضائية العالمية مع تسليط الضوء على المزايا والعيوب التي تتضمنها هذه الأنظمة في مختلف الدول في الفرع الأول، كما نستعرض أمثلة عملية من دول مختلفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القضايا الجنائية في الفرع الثاني.

الفرع الأول- دراسة مقارنة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القضائية العالمية:

هذه المقارنة تساعد على فهم كيفية استفادة كل نظام قانوني من الذكاء الاصطناعي في إدارة القضايا الجنائية، وكذلك التحديات التي قد تواجهها هذه الأنظمة في تطبيق هذه التقنيات.

أولاً- نماذج الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي:

أ- الولايات المتحدة الأمريكية:

ففي الولايات المتحدة الأمريكية تم إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في العديد من جوانب النظام القضائي، بما في ذلك تحليل الأدلة الجنائية وتقييم المخاطر المتعلقة بالجناة.

حيث تستخدم بعض المحاكم الأمريكية برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل سجلات الجرائم السابقة وتوقع نتائج القضايا، وتستعين بها في اتخاذ قرارات بشأن الإفراج المشروط عن السجناء().

ومن أبرز الأدوات المستخدمة في الولايات المتحدة هو برنامج (COMPAS) (Correctional Offender Management Profiling for Alternative Sanctions) الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم احتمالية ارتكاب الجناة لجرئم في المستقبل.

ب- الاتحاد الأوروبي:

في الاتحاد الأوروبي تختلف الدول في استخدام الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القضائية، لكن الاتحاد الأوروبي بدأ في تبني هذه التقنيات بشكل تدريجي().

ففي بعض الدول مثل المملكة المتحدة، تم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الجرائم للتنبؤ بنمط الجرائم المستقبلية().

أما في ألمانيا، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي في مجال تحليل الأدلة الرقمية وفي التحقيقات الجنائية.

وفي أوروبا عمومًا، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع الإجراءات القضائية وتحليل البيانات الجنائية، لكنه يواجه تحديات فيما يتعلق بالخصوصية وحماية البيانات.

ج- الصين:

تعتبر الصين من الدول الرائدة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في النظام القضائي. حيث تقوم المحاكم الصينية باستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل قضايا الجنح والجنايات، وكذلك في مراجعة الوثائق القانونية بسرعة ودقة.

كما تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في رصد الأنشطة الإجرامية عبر الإنترنت، مثل الجرائم الاقتصادية والجرائم الرقمية.

الصين تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات القضائية، حيث يتم استخدامه لتقييم احتمالية تكرار الجرائم وتحديد العقوبات.

د- الإمارات العربية المتحدة:

تعتبر الإمارات واحدة من الدول التي شهدت تطبيقات مبتكرة للذكاء الاصطناعي في النظام القضائي. حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل القضايا الجنائية بسرعة ودقة. ففي محاكم دبي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقديم المشورة القانونية للمتقاضيين، بالإضافة إلى تحسين إجراءات المحاكمات.

دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى إلى تحقيق العدالة الرقمية من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي في تحصيل الأدلة وتحليلها.

هـ- اليابان:

تستخدم اليابان الذكاء الاصطناعي في تحسين الكفاءة في النظام القضائي، حيث يتم الاستفادة من هذه التقنيات في التحليل الجنائي ومراجعة الوثائق القانونية.

ومن أبرز التطبيقات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا الجرائم الإلكترونية التي تتطلب تحليل كميات كبيرة من البيانات.

كما تعتمد اليابان على الذكاء الاصطناعي في تقديم الدعم للأجهزة الأمنية في التحقيقات الجنائية.

ثانياً- المزايا والعيوب في مختلف الأنظمة:

أ- المزايا: تتعدد المزايا في استخدام الذكاء الاصطناعي منها على سبيل المثال:

1- زيادة الكفاءة والسرعة: تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تسريع الإجراءات القضائية وذلك من خلال توفير أدوات تحليلية قادرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات في وقت قصير.

ففي الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تساهم هذه التطبيقات في تسريع المحاكمات وتحقيق نتائج أكثر دقة.

2- تحسين دقة الحكم: تعد القدرة على تحليل البيانات التاريخية والتنبؤ بالأنماط المستقبلية من أبرز مزايا الذكاء الاصطناعي. ففي الصين واليابان يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر المتعلقة بالجرائم المستقبلية، مما يعزز من دقة اتخاذ القرارات القضائية.

3- تقليل التحيز البشري: ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تقليل التحيز البشري في القضايا الجنائية. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الجنائية بشكل موضوعي ودون تأثيرات خارجية قد تؤثر على القاضي أو المحامي.

ثانياً- العيوب: تتعدد العيوب في استخدام الذكاء الاصطناعي فمنها على سبيل المثال:

1- القضايا المتعلقة بالخصوصية: ومن أبرز التحديات التي يواجهها استخدام الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القضائية هي القضايا المتعلقة بالخصوصية وحماية البيانات.

ففي الاتحاد الأوروبي، توجد قوانين صارمة لحماية البيانات، وقد واجهة الدول تحديات في التوازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي في التحقيقات وحماية حقوق الأفراد.

2- احتمالية التحيز في الخوارزميات: على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل من التحيز البشري، إلا أن الخوارزميات نفسها قد تكون متحيزة في بعض الأحيان إذا تم تدريبها على بيانات غير متوازنة.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تم انتقاد بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل (COMPAS) لكونها قد تساهم في تعزيز التحيز ضد بعض الفئات الاجتماعية أو العرقية.

3- الاعتماد المفرط على التقنية: ومن أبرز هذه العيوب هو الاعتماد المفرط على التقنية في اتخاذ القرارات القضائية.

ففي دول مثل الصين، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف في اتخاذ القرارات القضائية، مما قد يحدث انعدام للتوازن بين التكنولوجيا والإنسانية في تقديم العدالة.

الفرع الثاني- أمثلة عملية لقضايا تمت باستخدام الذكاء الاصطناعي في دول العالم:

نستعرض أمثلة عملية من دول مختلفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في قضايا جنائية. حيث تسلط هذه الأمثلة الضوء على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين كفاءة الإجراءات القضائية وتحديد الأنماط الجنائية والمساعدة في اتخاذ القرارات بشأن العقوبات والاحتجاز. كما نستعرض بعض القضايا التي تم تحليلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وكيف أثرت هذه التقنيات في نتائج القضايا.

أ- الولايات المتحدة الأمريكية: استخدام الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر الجنائية

ففي الولايات المتحدة الأمريكية، تم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل موسع في تقنيات التنبؤ بالجرائم وتقييم مخاطر الجناة().

من أهم الأمثلة الشهيرة على ذلك برنامج (COMPAS)

(Correctional Offender Management Profiling for Alternative Sanctions)

حيث يهدف هذا البرنامج إلى تقييم احتمالية ارتكاب الجاني لجرائم جديدة في المستقبل بناءً على تحليلات البيانات الجنائية والتاريخ الجنائي. فعلى سبيل المثال، في ولاية فلوريدا تم استخدام برنامج (COMPAS) لتقييم المخاطر المرتبطة بالجناة أثناء اتخاذ القرارات بشأن الإفراج المشروط.

وتم تحليل بيانات مثل السجلات الجنائية والعمر والتعليم والظروف الاجتماعية، وباستخدام الذكاء الاصطناعي تم تقديم توصيات بشأن ما إذا كان يجب إطلاق سراح الجاني أو استمرار احتجازه. وفي بعض الحالات تم استخدام التوصيات المستخلصة من الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات قضائية.

* المزايا والعيوب في النظام المستخدم للولايات المتحدة:

أ- المزايا: سرعة وفعالية اتخاذ القرارات بناءً على بيانات دقيقة.

ب- العيوب: الانتقادات حول تحيز الخوارزميات وتأثير ذلك على الفئات الاجتماعية الضعيفة، مثل الأقليات العرقية.

ب- المملكة المتحدة: استخدام الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الجنائية

في المملكة المتحدة، تم استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من القضايا الجنائية، لا سيما في تحليل الأدلة الرقمية.

على سبيل المثال في عام 2020م، تم تطبيق الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، مثل القرصنة والاحتيال عبر الإنترنت. واستخدمت الشرطة أدوت الذكاء الاصطناعي مثل المراجعة التلقائية للبريد الإلكتروني والمحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تحديد الأنماط المشبوهة بين المتهمين().

ومن أحد أبرز الأمثلة كان استخدام الذكاء الاصطناعي في القضية الشهيرة المتعلقة بالجرائم الإلكترونية لشبكة (Emotet) هذه الشبكة كانت تعمل على تنفيذ هجمات فيروسية تستهدف بنوكاً وشركات في جميع أنحاء العالم.

واستخدمت السلطات البريطانية الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الهجمات الإلكترونية مما ساعد في تعقب المشتبه بهم واعتقالهم في عدة دول().

* المزايا والعيوب في النظام المستخدم للمملكة المتحدة:

أ- المزايا: تسريع التحقيقات وتقليل التكاليف المرتبطة بالتحليل اليدوي.

ب- العيوب: قد يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى مشاكل في حقوق الخصوصية، خاصة عندما يتم تحليل رسائل وأدلة شخصية بدون إذن رسمي من الجهات المختصة.

ج- الصين: تحليل الأدلة الرقمية باستخدام الذكاء الاصطناعي

في الصين يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل متقدم في التحقيقات الجنائية، خاصة في قضايا الجرائم الاقتصادية والفساد.

ففي عام 2021م استخدمت الشرطة الصينية تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراجعة وتحليل ملايين الوثائق المالية المرتبطة بفضائح فساد ضخمة. حيث تم استخدام الخوارزميات لتحليل سجلات المعاملات المالية وتحديد الأنماط المشبوهة التي قد تشير إلى الفساد المالي.

ومثال آخر يتعلق باستخدام تقنيات التعرف عل الوجوه المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تتبع المشتبه بهم في قضايا السرقة والاعتداءات. ففي هذه القضايا تم الاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها مسح الفيديوهات من كاميرات المراقبة العامة وتحليل حركة الأشخاص ومقارنة الوجوه.

* المزايا والعيوب في النظام المستخدم للصين:

أ- المزايا: تحسين الدقة في تحديد الجناة وإيجاد أدلة قوية وبسرعة.

ب- العيوب: قضايا تتعلق بالخصوصية واستخدام البيانات الشخصية بدون موافقة، مما قد يؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان.

د- الإمارات العربية المتحدة: الذكاء الاصطناعي في المحاكم

في دولة الإمارات العربية المتحدة قامت محاكم دبي بتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل قضايا جنائية، مثل قضايا التزوير والاحتيال الإلكتروني.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، كان استخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة الأدلة الرقمية التي تم جمعها من الحواسيب والأجهزة المحمولة في قضايا الاحتيال المالي.

فعلى سبيل المثال، في قضية احتيال مالي عبر الإنترنت في دبي، قد استخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل سجلات المعاملات المصرفية والرسائل الإلكترونية بين المجرمين والمتضررين. مما ساعد الذكاء الاصطناعي في تتبع تدفقات الأموال وتحديد المتورطين في الشبكة الإجرامية، مما أدى إلى تقديم دليل قوي في المحكمة.

* المزايا والعيوب في النظام المستخدم للإمارات العربية المتحدة:

أ- المزايا: سرعة في تحليل الأدلة وتقديم نتائج دقيقة.

ب- العيوب: احتمالية استغلال التقنيات لأغراض المراقبة أو جمع البيانات الشخصية دون إشراف قانوني مناسب.

هـ- اليابان: تحليل البيانات الجنائية باستخدام الذكاء الاصطناعي

ففي اليابان تم تطبيق الذكاء الاصطناعي في قضايا متعلقة بالجرائم الرقمية، مثل الجرائم التي يتم ارتكابها عبر الإنترنت من خلال استخدام البرمجيات الضارة (Malware) أو الهجمات السيبرانية.

ففي أحد الأمثلة، قامت الشرطة اليابانية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوكيات المهاجمين الإلكترونيين والتعرف على الأنماط التي تميز الهجمات المتكررة. فتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات متعلقة بالهجمات السيبرانية التي استهدفت المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى. فكان الهدف هو اكتشاف الثغرات الأمنية في الأنظمة وحماية المعلومات الحساسة.

* المزايا والعيوب في النظام المستخدم في اليابان:

أ- المزايا: توفير أدوات قوية للكشف عن الجرائم الإلكترونية بشكل أسرع وأكثر دقة.

ب- العيوب: القضايا المتعلقة بالتحقيق في الجرائم الرقمية قد تؤثر على الأفراد والشركات بسبب مشاكل الخصوصية.

الخـــاتمــــة:

1) أحدثت التكنولوجيا وخاصة الأدوات القانونية الذكية، تحولاً كبيراً في كيفية العمل في المجال القانوني. ومن خلال تحسين الكفاءة وتسريع الإجراءات القانونية وتقليل الأخطاء البشرية، ساعدت هذه الأدوات في تحسين سير العمل في المحاكم ومكاتب المحاماة. ومع ذلك لا تزال هناك بعض التحديات التي تتطلب اهتماماً خاصاً مثل التدريب على استخدام هذه الأنظمة وضمان حماية البيانات القانونية من الاختراقات، ومعالجة بعض القضايا المتعلقة بالأمن والخصوصية، ويجب أن تواكبها تشريعات تواكب هذا التقدم التكنولوجي لضمان الاستخدام الأمثل لهذه الأدوات.

2) تسهم أدوات الذكاء الاصطناعي في تحسين وتطوير العمل القانوني من خلال تسريع عملية التحليل والتنبؤ بالقضايا المستقبلية، وكذلك تسهيل مراجعة الوثائق القانونية المعقدة. ثم أن هذه الأدوات تساعد المحامين على اتخاذ قرارات مدروسة وأكثر دقة من خلال تحليل البيانات الضخمة واستخلاص الأنماط القانونية.

3) إن تطبيق الذكاء الاصطناعي في القضاء يحمل العديد من الفرص لتحسين الكفاءة والعدالة، ولكنه يثير أيضاً تحديات كبيرة تتعلق باستقلالية القضاء ومسؤولية القرارات القضائية. ويجب على الأنظمة القانونية أن تجد توازناً بين الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة والحفاظ على المبادئ الأساسية التي تضمن العدالة والحفاظ على حقوق الإنسان. ثم أن وضوح المسؤولية في استخدام هذه التقنيات أمر بالغ الأهمية لضمان عدم وقوع أخطاء قد تضر بالحقوق القانونية للأفراد.

4) يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي في القضايا الجنائية بمثابة نقلة نوعية في مجال القانون. ومن خلال تحسين دقة التحليل وسرعة الإجراءات يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة قوية في مجال القضاء الجنائي. ومع تزايد تطور هذه التقنيات يصبح من الضروري أن تكون هناك معايير قانونية وأخلاقية واضحة لتنظيم استخدامها وضمان العدالة في الإجراءات الجنائية.

5) تُظهر المقارنة بين استخدام الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القضائية العالمية تنوعاً كبيراً في التطبيقات والطرق المستخدمة. كما تظهر الأمثلة العملية من دول مختلفة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تطوير النظام القضائي وتحسين كفاءة التعامل مع مختلف القضايا بما فيها القضايا الجنائية. حيث يُعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتحسين الكفاءة والعدالة، فإنه يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالخصوصية والتحيز البشري. ويظل من المهم أن تتطور الأنظمة القانونية بما يضمن استخدام هذه التقنيات بشكل أخلاقي ومتوازن مع مراعاة الخصوصية وحماية حقوق الإنسان.

6) لقد أثبت الدراسات أن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانات هائلة لتحسين العدالة وكفاءة الأنظمة القضائية، لكنه في الوقت نفسه يتطلب تعاملاً حكيماً لتجنب مخاطره وضمان احترام القيم الإنسانية. والتكنولوجيا مهما بلغت من التطور لا يمكن أن تستبدل الحس الإنساني التي يتمتع به القضاة والمحامون.

لائحة المراجع:

المراجع العربية:

1- عبدالفتاح بيومي حجازي، القانون والذكاء الاصطناعي، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2021.

2- محمد حسام الدين، التكنولوجيا والعدالة (رؤية مستقبلية)، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 2022.

المراجع الإنجليزية:

1- Williams, A. R. (2022). AI and Legal Systems: The next frontier. Journal of Law and Technology.

2- Thompson, L. M. (2023). Transforming Legal Practice with Technology. Legal Tech Journal.

3- Patel, J. H. (2024). The Future of Court Systems: Technology Integration. International Legal Review.

4- Stevens, R. S. (2022). The Impact of Legal Tech on Law Practice. Journal of Legal Technology.

5- Walker, M. T. (2023). AI and Automation in Legal Research. AI in Law Review.

6- Williams, P. D. (2024). The Future of Legal Software Solutions. Law Tech Innovation.

7- Tech Legal Insights. (2023). Artificial Intelligence in Law: The State of Play 2023.

8- Journal of Legal Innovation. (2022). The Future of Legal Technology: An AI Perspective.

9- Oxford University Press. (2021). Legal Tech: Revolutionizing Legal Services with AI.

10- Global Legal Perspectives. (2020). The Role of AI in Judicial Independence.

11- Law and Technology Review. (2022). Accountability in AI Decision Making Systems: Challenges in Law.

12- Journal of Legal Studies. (2021). Artificial Intelligence in the Judiciary: Ethical and Legal Implications.

13- Oxford University Press. (2022). Artificial Intelligence in Criminal Justice: The Future of Law Enforcement.

14- Harvard Law Review. (2023). Big Date and Crime Analysis: The Role of AI in Criminal Justice.

15- Journal of Criminal Law and Technology. (2023). AI and Crime Prevention: A Review of Current Applications.

16- MIT Press. (2023). Artificial Intelligence in the Criminal Justice System.

17- Law and Technology Review. (2022). AI in the Courts: A Global Overview.

18- Oxford University Press. (2024). The Role of AI in Crime Prevention and Justice.

19- MIT Press. (2022). AI and Crime: How Technology is Shaping the Future of Justice.

20- Cambridge University Press. (2024). AI in Law Enforcement: Challenges and Opportunities.

21- Oxford University Press. (2023). Artificial Intelligence in Criminal Justice.



Source link

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك لو تتكرم بدعمنا ، وقم بتعطيل إضافة مانع الإعلانات لتصفح المحتوى .