قراءة أولية للقانون التنظيمي المتعلق ب الإضراب

قراءة أولية القانون التنظيمي المتعلق ب الإضراب

قراءة أولية القانون التنظيمي المتعلق ب الإضراب

بقلم : حسن أيت موح باحث في القانون : قراءة أولية للقانون التنظيمي المتعلق بالإضراب

تقديم : بعد ستة أشهر من نشره في الجريدة الرسمية، يدخل القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب، حيز التنفيذ يوم 25 شتنبر 2025، هذا النص الذي كان مرتقبا منذ دستور 1962، لتكون بلادنا في مقدمة الدول التي أقرت بالحق في ممارسة الاضراب.

قراءة أولية للقانون التنظيمي المتعلق ب الإضراب

فبإقرار المحكمة الدستورية  في قرارها رقم 251.25 م د صادر في 12مارس 2025،بأن هذا القانون ليس فيه ما يخالف الدستور، مسجلة بعض الملاحظات، يكون  المغرب قد وضع اطار قانوني يهدف الى ضمان الممارسة الصحيحة  لهذا الحق الدستوري، الذي كان يمارس في غياب قانون تنظيمي، استنادا الى الالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب ،كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.والى  الاجتهاد القضائي الذي أقر في العديد من قراراته بأن  عدم صدور قانون تنظيمي للإضراب  لا يشكل مانعا لممارسته، طالما أن الحق في الاضراب يشكل حقا أساسيا في النظام الدستوري للمملكة.

وبالنظر لأهمية وحساسية هذا القانون التنظيمي ،كما جاء في الخطاب الملكي السامي،بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية التاسعة في 9 أكتوبر 2025،فاننا سنعمل على قراءة هذا القانون من خلال فقرتين ،نعالج في أولهما :احكامه ،على أن نخصص الفقرة الثانية لبعض الملاحظات.

الفقرة الأولى:أحكام  القانون التنظيمي القاضي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب .

  • اقتباس تعريف مفهوم الاضراب من التعريف المحدد من طرف منظمة العمل الدولية ، بكونه هو توقف عن أداء العمل كليا أو جزئيا ،يتخذ بقرار من قبل الجهة الداعية الى الاضراب، ويمارس من قبل مجموعة من العمال في علاقتهم المباشرة أو غير المباشرة بالمقاولة أو بالمؤسسة أو بالمرفق العمومي أو من قبل مجموعة من المهنيين، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية أو المهنية أو المعنوية والمرتبطة بظروف العمل أو بممارسة المهنة.
  • تأكيد على أن الاضراب حق لا يمكن لاحد منعه، وكل شرط تعاقدي أو التزام بالتنازل عن حق الاضراب، فماله البطلان.
  • ارتكاز حق الاضرار على عدد من المبادئ الأساسية التالية:

-تكريس الحريات النقابية، حرية العمل والمبادرة الخاصة، عدم التمييز، التسوية السلمية لنزعات الشغل والوساطة، احترام تشريعات الشغل، احترام شروط الصحة والسلامة المهنية، التطبيق العادل للقانون واحترام قواعد الانصاف، الحفاظ على النظام والامن العامين، ترصيد المكتسبات الوطنية في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور ولاسيما حق الاضراب، تحقيق التوزان في علاقات الشغل بما يصون حق الاضراب، ويضمن استمرار النشاط الاقتصادي.

  • توسيع نطاق ممارسة حق الاضراب، بعدم حصره في موظفي القطاع العام أو اجراء القطاع الخاص، ليشمل العاملات والعمال المنزليين، المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
  • تحديد مفهوم  المرافق العمومية على الأنشطة التي تشمل المهنيين أو المرافق التابعة للقطاع العام أو القطاع الخاص  أو هما معا، والتي تخدم خدمة  أو خدمات أساسية من شأن توقف العمل بها كليا أو جزئيا يأن يعرض حياة  الأشخاص أو أمنهم  أو صحتهم وسلامتهم للخطر.
  • التنصيص على مفهوم الحد الأدنى للخدمة باعتباره موضوعا متعارف عليه في منظمة العمل الدولية، لاسيما بالنسبة للمرافق الحيوية كالمؤسسات الصحية،المحاكم بمختلف أصنافها ودرجاتها والمهن القانونية والقضائية المرتبطة بها، مرافق بنك المغرب، الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، المرافق المكلف بنشر الجريدة الرسمية، مرافق الارصاد الجوية، مرافق النقل السككي والبري بمختلف أصنافه والملاحة البحرية والجوية،شركات الاتصال السمعي البصري العمومي،قطاع المواصلات،مرافق وشركات صناعة وتوزيع وبيع الادوية، وشركات انتاج وتوزيع مادة الاوكسجين ذات الاستعمال الطبي ،قطاع المواصلات، مرافق وشركات صناعة وتوزيع وبيع الادوية، وشركات انتاج وتوزيع مادة الاوكسجين ذات الاستعمال الطبي، مصالح المراقبة الصحية في الحدود والمطارات والموانئ، المصالح البيطرية، مرافق انتاج وتوزيع الماء والكهرباء والمواد الطاقية،مرافق التطهير السائل والصلب ومرافق جمع النفايات بجميع أصنافها.
  • التنصيص على دور قاضي المستعجلات للتدخل لتحديد لائحة العمال المكلفين بتوفير الحد الادنى من الخدمة الواجب تأمينها،في حالة عدم اتفاق بين الجهة الداعية إلى الاضراب وبين المقاولة والمؤسسة في القطاع الخاص.
  • اعتبار كل اضراب يمارس خلافا لأحكام القانون التنظيمي والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه هو اضراب غير مشروع.
  • الالتزام بالإخطار المسبق قبل أي اضراب، وتختلف المواعيد باختلاف القطاع العام أو الخاص. وفي حالة الطوارئ، وخاصة عندما يهدد خطر وشيك صحة أو سلامة العمال، يمكن الاخطار فورا، بعد تحديد الخطر.
  • حضر على الجهة المشغلة سواء في القطاع العام أو الخاص، خلال مدة سريان الاضراب، احلال محل العمال المضربين عمالا أو اشخاص اخرين، لا تربطهم أي علاقة، بالمقاولة أو المؤسسة أو بالمرفق العمومي، لها صلة بالنشاط أو الخدمة المقدمة، قبل تاريخ تبليغ قرار الاضراب.
  • تعزيز الحوار الاجتماعي للحد من وثيرة النزاعات العمالية، بالتنصيص على رقابة صارمة على الإضرابات، لتجنب أي اضرابات مفاجئة وغير منظمة، مع توفير حماية أكبر للمضربين من أي اجراءات انتقامية.
  • استثناء بعض القطاعات من حق الاضراب، نظرا لدورها السيادي وأمن الدولة، كموظفي ادارة الدفاع الوطني والعسكريين وافراد القوة العمومية وضباط الشرطة القضائية وموظفي وزارة الخارجية والموظفين الدبلوماسيين والقنصليين وموظفي وزارة الداخلية واعوان السلطة، وسائر الموظفين والاعوان المخول لهم حمل السلاح والاشخاص الذين تمنعهم النصوص القانونية الخاصة بهم من الانتماء النقابي أو من ممارسة أي نشاط نقابي-كالقضاة-
  • اعتبار كل اضراب يمارس خلاف لأحكام القانون التنظيمي والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه هو اضراب غير مشروع.
  • تأكيد على أن الاضراب الذي يمارس وفق احكام هذا القانون لا يعد من المبررات المقبولة لاتخاذ العقوبات التأديبية او للفصل من العمل أو العزل في حق العمال المضربين أو اتخاذ العقوبات التأديبية في حق المهنيين المضربين.
  • فرض غرامات على المشغلين الذين يحاولون عرقلة حق ممارسة الاضراب.
  • فرض غرامات على المضربين الذين يعرقلون حرية العمل أو يحتلون الفضاء العام أو القيام بالأنشطة الضرورية، او الدعوة إلى ممارسة حق الاضراب بشكل تعسفي.
  • امكانية تدخل قاضي المستعجلات لاتخاذ التدابير اللازمة لوقف عرقلة ممارسة حق الاضراب. وكذا اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية الممتلكات وحفظ الصحة والسلامة المهنية،او الاغلاق الجزئي أو الكلي المؤقت بالنسبة للمقاولة أو المؤسسة مع مراعاة حقوق الاجراء غير المضربين.
  • عدم امكانية تطبيق الاكراه البدني على المضربين في حالة العجز عن الاداء المثبت بالوسائل المقررة قانونا.

الفقرة الثانية: رصد بعض ملاحظات على القانون التنظيمي القاضي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب:

  • * استحضار الالتزامات الدولية للمغرب عند صياغة بعض  احكام هذا القانون.
  • * عدم تدقيق بعض المفاهيم واسباب المنع، من قبيل ما جاء في المادة 5 من القانون، باعتبار اي اضراب يمارس خلافا لهذا القانون هو اضراب غير مشروع.
  • * حصر المرافق الحيوية في المادة 21 أمر محمود وايجابي، تفاديا لحرمان العديد من الاجراء والفئات المهنية من ممارسة حقهم المضمون في الاضراب بمقتضى الدستور، فضلا على ان توفير الحد الادنى من الخدمة في هذه المرافق من شأنه صون مصلحة المواطن بالاستجابة لحاجياته الحيوية.
  • * عدم تحديد الجهة المسؤولة عن اخطار المرتفقين داخل اجال معقولة بتاريخ ومدة الاضراب، وباي جدولة عملية لتنظيم الحد الادنى من الخدمة.
  • * عدم اشراك مفتشية الشغل في تفاصيل تقديم الملف المطلبي او الدعوة الى الاضراب.
  • * محاولة المشرع تحقيق التوازن بين حق الاضراب في إطار الحرية النقابية وحرية العمل، بشكل يضمن حسن سير المرافق العمومية واستمراريتها خدمة للمرتفقين.

صفوة القول، أن صدور قانون تنظيمي ينظم ممارسة الحق في الاضراب، يعتبر مكسبا هاما في مسار الحريات العامة في المغرب ويضمن توازن المصالح بين أطراف العلاقة الشغلية، يستوجب أن يواكبه اصدار قانون النقابات وتعزيز مكانة مفتش الشغل وتقوية أدواره في فض نزاعات الشغل.

أسئلة وأجوبة حول الإضراب في المغرب

1. ما هو الإضراب؟

الإضراب هو توقف جماعي ومنظم عن العمل من طرف العمال أو الموظفين بهدف الضغط على أصحاب القرار لتحقيق مطالب اجتماعية أو مهنية.

2. لماذا يلجأ العمال في المغرب إلى الإضراب؟

يلجأ العمال إلى الإضراب من أجل تحسين ظروف العمل، رفع الأجور، الدفاع عن الحقوق النقابية، أو الاعتراض على قرارات حكومية تمس بحقوقهم.

3. ما هي أبرز القطاعات التي تعرف الإضراب في المغرب؟

غالباً ما تسجل الإضرابات في قطاعات التعليم، الصحة، النقل، والجماعات المحلية، باعتبارها الأكثر حساسية وتأثيراً على حياة المواطنين.

4. كيف تتعامل الحكومة المغربية مع الإضرابات؟

تتعامل الحكومة عادة عبر الحوار الاجتماعي مع النقابات، لكنها قد تلجأ أحياناً إلى التدخل الأمني أو اللجوء إلى المحاكم إذا اعتبرت أن الإضراب غير قانوني.

5. ما هي حقوق المضربين وفق القانون المغربي؟

القانون المغربي يعترف بحق الإضراب، لكنه يضع قيوداً مثل ضرورة احترام الحد الأدنى من الخدمات الأساسية في بعض القطاعات، وعدم تعطيل المرافق الحيوية بشكل كلي.

6. ما تأثير الإضرابات على الاقتصاد والمجتمع؟

الإضرابات قد تؤدي إلى خسائر اقتصادية مؤقتة وتعطيل بعض الخدمات، لكنها في المقابل وسيلة مشروعة للضغط من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية، وهو ما ينعكس على المدى الطويل بشكل إيجابي إذا تحقق التوافق.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك لو تتكرم بدعمنا ، وقم بتعطيل إضافة مانع الإعلانات لتصفح المحتوى .