ملخص مدخل العلاقات الدولية PDF
ملخص مدخل العلاقات الدولية PDF
الفصل الثاني : أسس ومرتكزات العلاقات الدولية
هناك المرتكز القانوني ، المرتكز الدبلوماسي ، المرتكز الاستراتيجي ، المرتكز الاقتصادي.
أولا : المرتكز القانوني
الدول في علاقاتها تستند الى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة سواء في حالة الحرب أو السلم.
و طبيعة المجتمع الدولي هي التي تخلق التنظيم القانوني الدولي وتحكم الصراع بين الدول ، كما أن ضرورة التعاون بين الدول تؤدي بها إلى قيام علاقات منظمة ومستقرة ، فالقانون الدولي بمصادره المختلفة يشكل الإطار التنظيمي التي تسعى الدول من خلاله إلى تنظيم العلاقات فيما بينها كما يمكن من المحافظة على السلم والأمن الدوليين ، لكننا نجد هنا تيارين ، التيار الأول ينكر وجود قانون دولي من الأصل بينما التيار الثاني يقر بوجود هذا القانون الدولي .
إنكار وجود القانون الدولي
إذا كان القانون الداخلي يطبق الإكراه من طرف السلطة العامة فإن القانون الدولي يتسم الرضائية بين الدول ، فالدول لها سيادة وتقدر مدى حقوقها ولا يمكنها أن تتقيد بأي قرار لا يحظى بموافقتها وإلا كانت فاقدة للسيادة ، لذلك فالقانون الدولي لا ينشأ إلا بموافقة الدول المخاطبة به ، هذا على مستوى الإنشاء أما على مستوى التطبيق نلاحظ غياب التنفيذ الإجباري للقانون الدولي و لامركزية القواعد القانونية ، فالقواعد القانونية الدولية تطبق على واضعيها أنفسهم لعدم وجود مشرع ، الأمر الذي ينتج عنه غياب أي تسلسل هرمي بين مصادر القانون الدولي وندرة مصادره وعدم التمسك بالشكليات في مرحلة خلق القانون.
هذا الأمر أدى ببعض الفقهاء أمثال جون أوستن إلى إنكار وجود القانون الدولي والقول بأن المجتمع الدولي يقوم على مبدأ القوة فقط ، فلا يوجد سلطة عامة تفرض القانون على الأشخاص ، بل هناك دول متفاوتة القوة تفرض القانون الدولي حسب قوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والبشرية ، فالقاعدة القانونية الدولية ليست مجردة وملزمة كما هو الحال بالنسبة للقاعدة القانونية الداخلية ، بل إن القانون الدولي هو عبارة عن مبادئ وأخلاقيات وأنماط للسلوك الدولي تتعامل بها الدول في علاقاتها بعضها ببعض دون أن تكون مجبرة على التقيد بها ، وفي غياب عنصر الاجبار الذي تتميز به القاعدة القانونية فلا يمكن اعتبار القانون الدولي قانونا بالمعنى الدقيق للقانون.
يعتبر المنكرون لوجود القانون الدولي أن القاعدة القانونية تتطلب ثلاثة شروط :
1- أن تكون صادرة عن سلطة تشريعية
2- أن تكون هناك محاكم لتطبيق هذه القاعدة القانونية
3- أن تستند هذه القاعدة القانونية إلى عنصر الردع عن طريق إجراءات التطبيق هذه الشروط لا تتوفر في القانون الدولي إذن لا يمكن أن نعتبره قانونا ، فالقانون الدولي لا مشرع له ولا قاضى له ولا قوة إجرائية له ، فهو غابة يسود فيها القوي على الضعيف ، كما لو كان العالم يعيش في الزمن البدائي ، بل إنهم يعتبرون أن القانون الدولي لا يمكنه أن يصبح قانونا حتى في المنظور القريب لثلاثة عوامل :
1- الدور المسيطر للدولة في المجتمع الدولي المعاصر
2- عدم وجود مجتمع دولي منظم
3- عيوب القواعد التي تحكم العلاقات الدولية كالمصلحة والقوة.
يبدو ذلك جليا من خلال خرق الدول الكبرى لمبدأ عدم التدخل ، فالولايات المتحدة تتدخل دون أي أساس قانوني كما فعلت ذلك في العراق والدومينيكان ولبنان وباناما ، وكما فعل الاتحاد السوفياتي في أفغانستان و فيجي وكما فعلت فرنسا في تشاد وأفريقيا الوسطى وكما فعلت الصين في التبت ، فهذه الدول تدخلت وفرضت سيطرتها وقوانينها وإرادتها السياسية في دول الغير مستعملة منطق القوة وفرضت نفسها مع إلباس هذا الأمر صفة الشرعية عن طريق القاعدة القائلة “الحق للقوة”.
إن رمي جندي مستسلم برصاصة جريمة حرب ، ورمي بلد بقنبلة نووية ليس جريمة حرب ، والدول الكبرى تتدخل دائما لمنع تجريم الضرب بالسلاح النووي بينما تدخلت لشرعنة منع استعمال الأسلحة الكيماوية لأن الدول الفقيرة تملك هذه الأسلحة ، والحقيقة البادية بوضوح آن الأمر لا يتعلق بقوة الحق أو الحق للقوة ، بل هو منطق القوي على الضعيف ومنطق المصلحة و منطق الازدواجية ، وتبقى المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة مجرد غطاء لإضفاء الشرعية الدولية على القرارات التي تخدم مصالح الدول الكبرى ، يبدو ذلك واضحا من خلال امتلاكها دون غيرها حق الفيتو والتمتع بالعضوية الدائمة.
وجود القانون الدولي
هذا الاتجاه يعتبر القانون الدولي موجودا ، فقط هو يتميز في الدرجة وليس في الطبيعة القانونية ، فهو قانون كغيره من القوانين ، ويبررون ذلك بأنه قانون حديث السن ، بعكس بقية فروع القانون التي تعود إلى آلاف السنين . يفند أنصار هذه النظرية رأي خصومهم الذين ينكرون على القانون الدولي صفة القانونية ، بالقول بأن المعايير مثل المشرع ، القاضي ، الاجبار ، هي معايير فاسدة من حيث الأساس ، ولا تصلح للتمييز بين القواعد القانونية ، كما أن المشرع في القانون الدولي موجود وهو الدول ، سواء عن طريق الاتفاقيات الدولية أو المعاهدات الثنائية و الجماعية ، فهي تشريع ، أما المحاكم فموجودة ، مثال ذلك محكمة العدل الدولية في لاهاي ، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، أما عنصر الاجبار فموجود ، وتمارسه الامم المتحدة بموجب الفصل السابع من ميثاق هذه الهيئة ، كما حصل في كوريا 1950 و الكونغو 1960 والخليج 1991.
وقد اتفقت الأسرة الدولية على إعطاء بعض المبادئ القانونية صفة الالزامية واعتبارها قواعد قانونية آمرة ، نظرا لأهميتها في سيادة الأمن والسلام ، جاء في معاهدة فيينا 1969 ” قاعدة آمرة وسامية وافقت عليها وأقرت بها الجماعة الدولية لمجموع الدول كقاعدة لا يجوز نقضها ولا تعديلها إلا بقاعدة قانونية جديدة من قواعد القانون الدولي العام لها نفس الصفة” ، وقد دعا أنصار إلزامية القانون الدولي إلى الإقرار ببطلان كل اتفاقية دولية تخالف المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة .
القاعدة القانونية الدولية إذن حسب هذا الاتجاه هي قاعدة ملزمة لكنها تختلف عن قواعد الأخلاق الدولية وقواعد المجاملات الدولية ، هذه المبادئ يؤطرها القانون الدولي الإنساني وأبرز تجلياته منظمة الصليب الاحمر وباقي الهيئات الانسانية العاملة على الساحة الدولية التي تدعو إلى حماية الأسرى واللاجئين وتقديم المساعدة للدول في حالة الكوارث الطبيعية أو الحروب.
قواعد المجاملات الدولية
تختلف عن قواعد الأخلاق الدولية في كونها لها قوة إلزام من الناحية الأدبية وقد تتحول إلى قواعد قانونية في حالة اتفاقية أو عرف ، مثال ذلك الحصانة الدبلوماسية.
هكذا نجد أن القانون الدولي معترف به دوليا من طرف الحكومات ، معترف به كقانون بين الدول تجب مراعاته واحترامه ، وإلا تعرضت الدول المخالفة مسؤولية قانونية وجزاءات ، تستوي في ذلك القواعد الثابتة عن طريق العرف الدولي أو المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والثنائية وميثاق الأمم المتحدة ، مع التمييز بين تلك التي لها صفة العمومية وتلك التي لا تلزم إلا أطراف المعاهدة.
الآليات المعتمدة في تنظيم العلاقات الدولية
تلجأ الدول إلى القانون الدولي في أربع حالات :
1- عند وضع قاعدة قانونية جديدة
2- عند الحاجة إلى الكشف عن القاعدة القانونية الدولية التي سيطبقها القاضي الدولي
3- تحديد القانون الساري المفعول في وقت معين
4- تعديل القاعدة القانونية لتساير وضعا دوليا جديدا.
مصادر القانون الدولي
حسب المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية :
1- الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة
2- العرف الدولي
3- المبادئ العامة للقانون
4- اجتهادات المحاكم الدولية وآراء الفقهاء القانونيين
5- قواعد الإنصاف والعدالة
دور المعاهدات في تنظيم العلاقات الدولية
تحتل المعاهدات الدولية صدارة مصادر القانون الدولي العام ، إلى جانب العرف والمبادئ العامة للقانون ، والمعاهدة الدولية كما يعرفها الأستاذ colliard هي اتفاق تثبت بموجبه دولتان أو أكثر قاعدة قانونية يتم بموجبها حل مشكلة تفرض نفسها في إطار العلاقات الدولية ، ويتضح من التعريف أن عنصر الاجبار في المعاهدة يتم بناء على التراضي المسبق ، وقد عملت الأمم المتحدة على وضع قانون المعاهدات عن طريق لجنة القانون الدولي وأسفرت عن إبرام اتفاقية فيينا 1969 ينتج عن التعريف السابق ثلاثة نتائج :
1- المعاهدات الدولية لا تبرم إلا بين الدول ، لكن حاليا تتم حتى بين دولة ومنظمة دولية
2- صياغة المعاهدة بشكل مكتوب
3- خضوع موضوع المعاهدة لأحكام القانون الدولي.
نتائج المفاوضات الدولية ( المعاهدات الدولية – البروتوكولات – المواثيق – الاتفاقيات المؤقتة )
التمييز بين المعاهدات والاتفاقيات
يمكن التمييز بين المعاهدات والاتفاقيات استنادا إلى معايير أبرزها :
-إن المعاهدات تطلق على العقود الدولية التي لها أهمية خاصة بالنسبة لأهدافها أو موضوعها أو لمكانة الدول الموقعة عليها وغالبا ما تكون ذات صيغة سياسية
– اما الاتفاقيات فإنها تتضمن تعهدات ثانوية محدودة قد تخص مسائل اقتصادية أو تجارية أو في
غير ذلك من المجالات.
المحتوى الأساسي للمعاهدات الدولية :
1- المقدمة أو ديباجة المعاهدة
2- أحكام المعاهدة
3- مدة المعاهدة ولغتها الرسمية
4- أسباب إنهاء المعاهدات الدولية
أسباب انتهاء المعاهدة الدولية :
تنفيذها ، انقضاء أجلها ، اتفاق الأطراف المتعاقدة على إلغائها ، الفسخ ، ثبوت استحالة تنفيذ المعاهدة ، زوال الشخصية القانونية لإحدى الدول المتعاقدة ، التغير الجوهري في الظروف.
البروتوكولات الدولية :
1. البروتوكول الإضافي
2. البروتوكول النهائي
3. بروتوكول التصديق
4. بروتوكول التحكيم.
و كلمة بروتوكول بشكل عام تشير إلى اتفاقية، أو نظام معين، وهناك العديد من البرتوكولات، فمنها ما هو سياسي، ومنها ما هو دبلوماسي، والبروتوكول هو مجموعة الشروط والضوابط التي تتبع المعاهدات بين طرف وآخر، فهي الخطوط والقوانين التي يتفق عليها الطرفان، لتحديد شكل العلاقة التي قاموا بعقد المعاهدة عليها، حتى لا يولد أي نزاع بين الطرفين، فإذا ما حدث خلاف ما، يظهر هذا البروتوكول الذي تم التوقيع عليه من الطرفين، ليظهر لكل طرف ما له وما عليه.
والبروتوكول بمعناه العام يشمل كل أنواع التصرف اللائق، والذي ينبغي أن يتم وفق قواعد الإتيكيت، مثل طريقة إلقاء رئيس ما الخطاب، كيف يقف وكيف يتحدث، أو طريقة استقبال رئيس دولة ما، لرئيس دولة أخرى، لابد أن يلقي التحية بطريقة معينة، ويسير بخطوات ثابتة معينة ومدروسة، لا مجال فيها للعشوائية، والبروتوكول نوع من أنواع الاتفاقات الدولية.
مراحل توقيع البروتوكول
1- يتم اختيار ممثلين من كل طرف لكي يمثلوا دولتهم، ويقوموا بعمل المفاوضات على الخطوط العريضة للمعاهدة.
2- بعد ذلك يتم عقد اجتماع للتوقيع على هذه الاتفاقية وتلك البنود التي قاموا بوضعها.
3- يتم أخذ توقيع رئيس الدولة بحسب ما يقتضيه القانون، و تقتضيه السلطات في البلاد التنفيذية والتشريعية.
أنواع البروتوكولات
1- بروتوكول المجاملات بين الدول
2- بروتوكول طريقة المصافحة.
3- بروتوكول التعارف والتقديم.
4- بروتوكول التحدث، والانتباه إلى الألفاظ وعدم الوقوع في الخطأ أثناء الحديث.
5- بروتوكول حسن الإنصات، وعدم اقتطاع حديث شخص ما أثناء المؤتمرات الدولية.
6- بروتوكول تنظيم الضيوف في المؤتمرات، حيث يتم وفق أصول وقواعد.
7- بروتوكول ارتداء الملابس المناسبة مع الموقف أثناء عقد المؤتمرات والاتفاقات الدولية.
8- بروتوكول توقيع الاتفاقيات، حيث يناقش الطريقة الصحيحة لتوقيع أي اتفاقية أو معاهدة.
أنواع الاتفاقات الدولية
1- المعاهدة
وهي الاتفاق الذي يتم بين دولتين، لتنظيم قانون ما بينهم، أو تحقيق هدنة وتصالح، والاتفاق على حماية بعضهم البعض ضد أي عدوان خارجي، مثل معاهدة حلف الناتو، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، والمعاهدة يمكن أن تكون ثنائية تتم بين دولتين فقط، أو جماعية تتم بين عدة دول .
2- الاتفاق
الاتفاق شيء يحدث بين طرفين في ناحية واحدة من النواحي المعنية، كأن يكون اتفاقا في نواحي ثقافية أو اقتصادية، وتحقيق مصالح مشتركة معينة بينهم في هذا المجال المذكور، وقد يكون سريا أو علنيا، ويمكن أن يكون مكتوبا أو غير مكتوب، كما يمكن أن يكون لفترة محددة، أو لفترة طويلة مفتوحة.
3- الميثاق
يتم عمل میثاق ينشأ من خلاله منظمة دولية كبيرة، فهو عمل كبير أكبر من الاتفاق والبروتوكول والمعاهدة، مثل ميثاق الأمم المتحدة.
4- اتفاق توضیح قانوني
يتم هذا الاتفاق ليوضح حقوق كل طرف في مسألة يتنازعون عليها، والذي بدوره يعمل على توضيح النقاط والحقوق في المعاهدات بينهم وتعريف كل ذي حق بحقه.
5- وثيقة
تعهد بموجب هذه الوثيقة التأكيد على النقاط التي اتخذت في المعاهدات والاتفاقات، وأن كل طرف ملزم بالتنفيذ ولا يوجد أي نية لخرق الاتفاق الذي أبرم سابقا.
المعاهدة كآلية اشتغال وتشريع في العلاقات الدولية
أبرز تصنيفات المعاهدة هي أولا المعاهدات العقدية ثم المعاهدات الشارعة ، فالمعاهدات العقدية تعقد بين دولتين أو عدد محدد من الدول في أمر خاص بها ، وهي لا تلزم سوى المتعاقدين ، ولا يتعدى أثرها إلى الدول غير الموقعة عليها لأنها ليست طرفا فيها ، ولم تلتزم بأي اتفاق ، مثال هذه المعاهدات معاهدات الصلح ومعاهدات تعيين الحدود والمعاهدات التجارية والصناعية والثقافية…
أما الصنف الثاني فهي المعاهدات العامة التي تبرم بين مجموعة كبيرة من الدول تتوافق بإرادتها
على إنشاء قواعد قانونية عامة ومجردة تهم جميع الدول ، يطلق عليها المعاهدات الشارعة ، مثال ذلك معاهدة فيينا حول تنظيم العلاقات والحصانات الدبلوماسية ، ومعاهدة لاهاي المتعلقة بتسوية المنازعات الدولية ، وميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945، وقد سميت بالشارعة تميزا عن المعاهدات الخاصة التي تعتبر بمثابة عقود بين الأطراف الموقعة.
وعموما فإن المعاهدة لا تهم سوى الاطراف الموقعة استنادا الى مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، لكن
المعاهدة قد تمتد بآثارها إلى غير الموقعين عليها في حالات استثنائية :
1- المعاهدات المنظمة للأمن الدولي
2- انضمام الغير إلى المعاهدة ، حيث تطبق عليه ولو انه لم يكن طرفا فيها في البداية
3- الإنضمام غير المباشر ، من خلال استفادة بعض الدول الأكثر رعاية من اتفاقية لم تكن طرفا فيها
4- المعاهدات التي ترتب حقوقا والتزامات على الغير.
بالرغم من الوضعية التشريعية للمعاهدة الدولية التي ما زالت أقل بكثير من مستوى الوظيفة التشريعية للقوانين الداخلية ، لعدم وجود سلطة مركزية دولية تحتكر التشريع والإلزام ، إلا أن المجتمع الدولي قد خطا خطوات مهمة نحو التخلص من الفوضى التي طبعت المجتمع الدولي قديما ويمكن أن نلمس ذلك من خلال نقط عديدة منها :
1- حرية الدول في التصديق على المعاهدات
2- علنية المعاهدات الدولية وإنكار الدبلوماسية السرية
3- عدم التخلي عن المعاهدات بحجة تغير الأوضاع إلا وفق ضمانات كافية
4- المساواة في المعاملة بين الدول حسب مبدأ المساواة في السيادة بين دول العالم
5- تقرير ضمانات لتفعيل المعاهدات
6- تطبيق قواعد العدالة وحسن النية في تفسير النصوص الغامضة في المعاهدة أو اللجوء إلى
التحكيم الدولي أو القضاء الدولي لحل سوء التفاهم.
رغم ما قيل ما يزال هناك أمام المجتمع الدولي خطوات لإيجاد الوسائل الفعالة لضمان احترام جميع الدول لقواعد القانون الدولي وإزالة مظاهر خرقه ، كخرق اتفاقيات الحدود وأخذ الدبلوماسيين كرهائن والاعتداء على السفارات.
ثانيا : المرتكز الدبلوماسي
من بين أهم الآليات التي تساعد الدول على التعامل والتفاهم فيما بينها هي الدبلوماسية .
الدبلوماسية كأداة للسياسة الخارجية
تسخر الدول الدبلوماسية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بطريقة سلمية وعلمية تحافظ من خلالها على العلاقات الخارجية ، وأي خطوة غير محكمة قد تؤدي إلى تدهور العلاقات الخارجية للدولة.
تعريف الدبلوماسية
مشتقة من الكلمة اليونانية ” طوى ” للدلالة على الوثائق المطوية والأوراق الرسمية الصادرة عن الملوك والأمراء، ثم تطور معناها لتشمل الوثائق التي تتضمن نصوص الاتفاقات والمعاهدات.
أما في معناها العام الحديث فيمكن تعريفها على أنها مجموعة المفاهيم والقواعد و الإجراءات والمراسم والمؤسسات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين ، بهدف خدمة المصالح العليا (الأمنية والاقتصادية والسياسية) وللتوفيق بين مصالح الدول بواسطة الاتصال والتبادل و إجراء المفاوضات السياسية وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، و تعتبر الدبلوماسية أداة رئيسية من أدوات تحقيق أهداف السياسة الخارجية والتأثير على الدول و الجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها بوسائل شتى ، منها ما هو إقناعي وأخلاقي ومنها ما هو ترهيبي مبطن وغير أخلاقي.
وبالإضافة إلى توصيل المعلومات للحكومات والتفاوض معها تهتم الدبلوماسية بتعزيز العلاقات بين الدول وتطويرها في المجالات المختلفة و بالدفاع عن المصالح والرعايا في الخارج وتمثيل الحكومات في المناسبات والأحداث الدولية ، إضافة إلى جمع المعلومات عن أحوال الدول والجماعات الخارجية وتقييم مواقف الحكومات والجماعات إزاء قضايا راهنة أو ردات فعل محتملة إزاء سياسات أو مواقف مستقبلية.
التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
هو مظهر من مظاهر السيادة في العلاقات الدولية ، وعلى ذلك فللدول کامل الحق في إيفاد أو قبول المبعوثين الدبلوماسيين ، ويمثل كل دولة أمام غيرها من الدول رئيسها ، ويتولى نيابة عنه إدارة الشؤون الخارجية وزير الخارجية ، يساعده الدبلوماسيون والقناصل ، وتبادل الدبلوماسيين يعتبر من مظاهر حسن العلاقات وضمانة للسلم ، واستدعاؤهم معناه توتر العلاقات ونذير بالحرب.
يكون تكوين البعثة الدبلوماسية كالتالي :
رئيس البعثة هو المسئول عن بعثته، ويتولى تمثيل الدولة والإشراف على أعمال البعثة وأفرادها ويتعين أن توافق الدولة الموفد إليها على شخص رئيس البعثة، كما يجوز لرئيس البعثة أن يمثل أكثر من دولة أو يمثل دولته في أكثر من دولة، وعلى رئيس البعثة أن يقدم أوراق اعتماده، والتي تتضمن صفته التمثيلية إلى رئيس الدولة الموفد إليها.
وحسب اتفاقية فيينا فإن مراتب رؤساء البعثات الدبلوماسية على النحو التالي :
1. مرتبة السفراء ومبعوثي البابا : يكون اعتمادهم شخصية من رئيس الدولة التي يتبعونها، وتصدر
أوراق اعتمادهم موجهة إلى رئيس الدولة المعتمدين لديها، ويطلق على البعثة التي يرأسها
سفير اسم السفير.
2. مرتبة الوزراء المفوضين والمندوبين السامين : يكون اعتمادهم من رئيس دولتهم لدى رئيس
الدولة المعينين لديها ولكن تأتي مرتبتهم تالية لمرتبة السفراء، وتسمى البعثة التي يرأسها هؤلاء
باسم مفوضية
3. مرتبة القائمين بالأعمال : يعتبرون مبعوثين من قبل وزير الخارجية لدى وزير خارجية الدولة
المعتمدين لديها وليس من قبل رؤساء دولهم، ويعتبرون في مركز أقل أهمية من مراكز الدرجات السابقة.
جنبا إلى جنب مع رئيس البعثة ومراتبهم الثلاث التي من الممكن أن يمثلو بها دولهم يكون هناك أجزاء أخرى للبعثة وهي أربعة.
– موظف البعثة وهم الأشخاص الذي تعينهم الدولة الموفدة لمعاونة رئيس البعثة في المهام الموكولة إليه في الدولة الموفد لديها
– الموظفون الإداريون والفنيون
– مستخدموا البعثة
– وأخيرا الخدم الخصوصيون وهم لا يكون لهم علاقة بالعلاقات الدبلوماسية ولا يكونون من مستخدمي الدولة الموفدة بل دورهم يقتصر على خدمة البعثة نفسها.
يقع ضمن اختصاصات المبعوثين الدبلوماسيين ثلاث أمور وهي تمثيل الدولة لدى الدولة المستضيفة، والتفاوض والتشاور مع وزير خارجية الدولة المعتمد لديها وأيضا مراقبة الحوادث والتطورات المختلفة في كافة الميادين.
واجبات الممثلين الدبلوماسيين
تشترط اتفاقية فيينا لعام 1961 والعرف الدولي أن يراعى الممثل الدبلوماسي عدد من الواجبات في أثناء قيامه بعمله وإلا تعرض لحسبان الدولة المعتمدة لديها له شخصا غير مرغوب فيه. وهذه الواجبات هي ما يأتي :
1. احترام قوانين وأنظمة الدولة المعتمد لديها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
2. عدم إساءة استعمال الأماكن التي تشغلها البعثة.
3. حصر مرجعه مبدئية بوزارة الخارجية.
4. عدم ممارسة أي نشاط غير ذلك المكلف به بصفة رسمية يقوم الممثل الدبلوماسي بعدد كبير من المهام في البلد المعتمد لديه وقد جاءت اتفاقية فيينا في مادتها الثالثة على ذكر أهم هذه الوظائف وهي ما يأتي:
1. تمثيل دولته لدى الدولة المعتمد إليها: و يجوز اعتماد ممثل دبلوماسي واحد لدى أكثر من دولة
بشرط موافقة الدولة المحال إليها.
2. حماية مصالح دولته لدى الدولة المعتمد لديها.
3. التفاوض باسم دولته لدى الدولة المعتمد لديها.
4. الاستعلام عن الأوضاع والحوادث في الدولة المعتمد لديها.
5. تعزيز العلاقات الودية بين دولته والدولة المعتمد لديها وإخلال الممثل الدبلوماسي بالواجبات الملقاة على عاتقه لا يرفع عنه حصانته الدبلوماسية إلا إذا قررت دولته ذلك صراحة، وكل ما يمكن للدولة المستقبلة أن تفعله إزاء الممثل الدبلوماسي المخالف هو أن تطلب من حكومته إما تأنيبه أو سحبه ، أو تطرده هي نفسها بوصفه شخصا غير مرغوب فيه وفق الأعراف الدولية .
الحصانة الدبلوماسية
يتمتع الدبلوماسيون بامتيازات وحصانات متعددة مهمة أثناء خدمتهم خارج بلادهم. وتعود هذه الامتيازات لكونهم الممثليين المباشرين لقوى ذات سيادة، وبإمكان هؤلاء الدبلوماسيين أن يتمتعوا باستقلال تام في التصرف لتأدية واجباتهم.
وتبنى هذه الامتيازات على مبدأ خروجهم عن نطاق التشريع الوطني.
وهذا المبدأ الذي يستعمل في القانون الدولي، يشتمل على ضمان بقاء الناس الذين يعيشون في بلدان أجنبية في نطاق سلطات حكوماتهم الأصلية.
وهناك أربع مزايا للحصانات الدبلوماسية هي :
1. لا يجوز إلقاء القبض عليهم أو على أفراد عائلتهم لأي سبب.
2. لا يجوز تفتيش أو احتجاز مساكنهم وأوراقهم وأمتعتهم.
3. لا يجوز فرض ضرائب على ممتلكاتهم الشخصية من قبل البلاد التي يخدمون فيها.
4. يتمتع الدبلوماسيون وعائلاتهم وموظفوهم بحرية العبادة الكاملة ويتقارب التمثيل الدبلوماسي من التمثيل القنصلي في الهدف الرامي من هذا التمثيل ، ألا وهو تقريب وجهات النظر ما بين الدولتين وإيجاد التسهيلات لرعايا الدولة ، وتوفير التعاون وتوطيد الصداقة ما بين الدول ، إلا أن هناك اختلافات ما بين هذين النوعين ، فدور البعثة القنصلية يطغى عليه الأعمال الإدارية والتجارية والقضائية كمنح جوازات السفر والشؤون المدنية مثل الزواج والطلاق وشهادات الولادة ، في حين أن البعثة الدبلوماسية تعتبر الممثل الرسمي للدولة الباعثة على الصعيد السياسي والخارجي.
والقناصل ثلاثة مراتب : القنصل العام والقنصل ونائب القنصل .
الدبلوماسية العالمية
الدبلوماسية الجديدة تختلف عن الدبلوماسية التقليدية ، فهي أكثر اتساعا وإيجابية وتنوعا وانطلاقا ، فهي دبلوماسية سلام وليست دبلوماسية حرب ، وعلى هذا فللدبلوماسية الحديثة مظهرین :
1- الانتقال من دبلوماسية الأحلاف إلى الدبلوماسية العالمية
2- اعتماد قواعد الدبلوماسية الوقائية.
ويمكن التمييز بين مستويات ثلاث للدبلوماسية تندرج من حيث القوة تدرجا ينتهي إلى الاستراتيجية فهناك الدبلوماسية الخافضة ، الدبلوماسية الجهورة ، الدبلوماسية المتعجرفة ، الدبلوماسية المهددة ، ثم الاستراتيجية الهجومية ، بمعنى أن الدبلوماسية تتدرج حسب مستوى القوة ، من ضعيفة الى مقبولة إلى قادرة إلى فائقة إلى فائضة.
من جانب آخر تلعب الدبلوماسية دورا مهما في حل النزاعات بين الدول عوض الدبلوماسية التقليدية التي كان يعبر عنها بالمفاوضات ، وهناك الوساطة وهي تدخل طرف ثالث من أجل التقريب بين وجهات النظر دون فرض حلول بعينها أو لعب دور القاضي .
ثالثا : المرتكز الاستراتيجي
الإستراتيجية عند اليونان هي فن القيادة ، وقد ارتبطت الكلمة تاريخيا بالحرب وقيادة الحرب ، وهي نوع من التفكير لتحقيق غايات محددة عير أكمل وجه ، وتفادي المخاطر.
الإستراتيجية أو علم التخطيط بصفة عامة هي مصطلح عسكري بالأساس وتعني الخطة الحربية، أو هي فن التخطيط للعمليات العسكرية قبل نشوب الحروب، وفي نفس الوقت فن إدارة تلك العمليات عقب نشوب الحروب.
وتعكس الإستراتيجية الخطط المحددة مسبقة لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء الإمكانيات المتاحة أو التي يمكن الحصول عليها.
هي خطط أو طرق توضع لتحقيق هدف معين على المدى البعيد اعتمادا على التخطيطات والإجراءات الأمنية في استخدام المصادر المتوفرة في المدى القصير.
فهي مجموعة السياسات والأساليب والخطط والمناهج المتبعة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في أقل وقت ممكن وبأقل جهد مبذول ، ويمكن التمييز بين تعريفين لمفهوم الاستراتيجية ، الأول تبنته المدرسة الأوروبية الأمريكية والثاني من المدرسة الشرقية .
تعريف الاستراتيجية
تعريف الاستراتيجية حسب المدرسة الأوروبية الأمريكية :
– فن استخدام المعارك كوسيلة للوصول الى هدف الحرب.
– فن توزيع واستخدام الوسائل العسكرية لتحقيق أهداف السياسة عن طريق القوة أو التهديد بها.
– فن استخدام الموارد لتحقيق أهداف الحرب.
-فن استخدام القوة للوصول إلى الأهداف التي حددتها السياسة.
اليتريه : هي فن إعداد خطة الحرب وتوجيه الجيش في المناطق الحاسمة والتعرف على النقاط التي يجب تحشيد أكبر عدد من القطعات فيها لضمان النجاح في المعارك
مولتکه : الإستراتيجية هي مجموعة من الوسائل التي تستخدم لتحقيق الوصول الى غرض محدد.
فون در غولتز : هي التدابير الواسعة التي تستخدم في تحريك القوات الى الجهة الحاسمة في أكثر الظروف ملائمة ويمكن أن يسمى علم القيادة.
فوش : هي فن حوار الإرادات التي تستخدم القوة لحل خلافاتها.
ريمون أرون : هي قيادة وتوجيه مجمل العمليات العسكرية ، أما الدبلوماسية فهي توجيه العلاقات مع الدول الأخرى على أن تكون الإستراتيجية والدبلوماسية تابعتين للسياسة.
أندريه بوفر : هي فن إستخدام القوة للوصول إلى أهداف السياسة.
تعريف الاستراتيجية حسب المدرسة الشرقية
هي نظام المعارف العلمية المتعلقة بقوانين الحرب كصراع مسلح من أجل تحقيق مصالح ، والاستراتيجية تبحث على أساس دراسة خبرة الحروب والموقفين السياسي والعسكري والامكانيات الاقتصادية والمعنوية للبلاد ونوع وسائل الصراع الحديثة ووجهة نظر العدو في الحرب المقبلة وطرق خوضها والاعداد لها وبناء القوات المسلحة.
كلمة استراتيجية توسع مفهومها خارج إطار الحرب فنجدها في العلوم الاجتماعية كافة ، فهي في علم السياسة والعلاقات الدولية تدل على كيفية مواجهة وإدارة الصراع بين قوتين أو أكثر ، وكيفية استغلال كل طرف للإمكانات المتوفرة على أحسن وجه ، واستغلال عناصر ضعف العدو لتحقيق النصر ، وفي العلوم الاجتماعية الأخرى هي النشاط المرتبط بتحقيق غايات مرسومة.
لينين : الإستراتيجية الصحيحة هي التي تتضمن تأخير العمليات الى الوقت الذي يسمح فيه الإنهيار المعنوي للخصم للضريبة المميتة بأن تكون سهلة وممكنة.
ماوتسي تونغ : هي دراسة قوانين الوضع الكلي للحرب.
كوزلوف : هي عملية خلق الوسائل العسكرية التي تمكن السياسة من الحصول على أهداف.
کرازيلفكوف : إن الإستراتيجية العسكرية تعتمد مباشرة على السياسة وتخضع لها ، وخطط الحرب الإستراتيجية يتم تصميمها على أساس الأهداف التي تحددها السياسة.
أنواع الاستراتيجية
1- الإستراتيجية المباشرة :
حيث تعتبر القوة العسكرية الأداة الرئيسة لتحقيق الأهداف الوطنية ، ولا تستثني إستخدام عناصر القوة الأخرى الى جانب القوات العسكرية ، فالعناصر السياسية والاقتصادية والثقافية تشكل أجزاء مكملة للقوة العسكرية ومجموعها يحدد لنا مفهوم الإستراتيجية المباشرة.
ويعطى عامل السرعة فيها أهمية كبرى وذلك لعدم أفساح المجال للعدو بترتيب وضعه والرد علينا و بالتالي إجباره على الخضوع لإرادتنا.
ويمكن تحقيق هذه الإستراتيجية في أحد الصور التالية :
أولا: إستراتيجية مباشرة تستهدف الحصول على النصر العسكري نتيجة الأشتباك مع قوات العدو الرئيسة المباشرة ، وقد طبق الأتحاد السوفيتي هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية.
ثانيا: إستراتيجية مباشرة تستهدف الحصول على النصر العسكري ليس عن طريق الالتحام المباشر ولكن بعمل يؤدي الى الاخلال بتوازن العدو وأزعاجه و مباغتته كمهاجمة مؤخرته أو أجنحته أو النقاط الضعيفة في جبهته أو قطع خطوط مواصلاته أو قطع طرق انسحابه أو ضرب مراكز قيادته أو التقدم من إتجاهات غير متوقعة وقد طبق الألمان هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية ، كما طبقتها إسرائيل في عمليات عام 1948، و1956 ، و 1967.
ثالثا: إستراتيجية مباشرة تبحث في تحقيق الهدف عن طريق التهديد بإستخدام القوة ، وقد استخدمتها الولايات المتحدة في أزمة الصواريخ بكوبا .
2- الاستراتيجية غير المباشرة :
وهي تبحث في تحقيق الأهداف بوسائل غير عسكرية بالدرجة الأولى و بالإنهاك العسكري بالدرجة الثانية إذا اقتضت الضرورة. أي بمعنى أنها تبحث عن الحسم عن طريق استخدام الوسائل النفسية كالدعاية والإشاعة ، وتسميم السياسة والاقتصاد ، والضغط الدولي ، والتفتيت الداخلي وغيرها.
وتستهدف كذلك تدمير معنويات العدو والحفاظ على معنويات الأصدقاء ، وتستخدم أسلوب الحرب الثورية ، وتخضع لثلاثة مراحل :
أ- الحفاظ على الأمل وخلق الثقة بالنصر مهما طال الصراع .
ب- تثبيط همم العدو حتى يتحقق الحسم النفسي .
ت- ردع العدو ومنعه من إستخدام وسائل العسكرية المتفوقة أن السبب الذي يدعو إلى إستخدام إستراتيجية غير مباشرة هو إنتظار الانقلاب في ميزان القوى ، ويتم الحصول على هذا الأمر بإنهاك وسائط العدو ، علما بأن وخزات الأبر المتعاقبة تضعف العدو أكثر من الصدمات الكبيرة ذات النتائج غير الحاسمة ، على أن يكون إنهاك العدو خلال هذه الوخزات أكبر من إنهاك قواتنا ، وذلك بتدمير تموين العدو أما بغارات أو هجمات محلية تؤدي إلى إفناء بعض وسائطه أو تكبيدها خسائر كبيرة ، مما يدفعه إلى القيام بهجمات غير مجدية ، ويجبره على اتخاذ وضع ممتد أكثر مما تتحمل قواته مع إنهاك قدرته المادية والمعنوية.
ويمكن تحقيقها بأحد الصور التالية :
أولا: استخدام الأساليب السياسية أو الدبلوماسية أو الأقتصادية لتحقيق الأهداف وقد طبقها هتلر
عند احتلاله النمسا وتشيكوسلوفاكيا.
ثانيا: اللجوء الى أسلوب حرب العصابات طويلة الأمد ، كما حدث في الريف والجزائر وفيتنام.
ثالثا: فتح جبهات ثانوية في أرض العدو أو في أقاليم دول تابعة أو مؤيدة له بعيدا عن جبهة القتال الرئيسة ، وقد طبقت بريطانيا هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية بفتح جبهة شمال أفريقية.
رابعا: إثارة الفتنة داخل دولة العدو بحيث يؤدي الى اقتتال مواطنيه واضعافه من الداخل وهذا ما طبقته إسرائيل في لبنان لغرض ضرب الحركة الوطنية والثورة الفلسطينية.
خامسا: الإستيلاء على هدف جزئي بسرعة كبيرة بفضل المباغتة وتفوق القوات ثم التظاهر بالتوقف قبل القيام بعملية أخرى ، ثم تكرار ذلك بصورة متتالية وقد طبقت اسرائيل ذلك عام 1948 بعد الهدنة الأولى
طبعا يكون العامل النفسي في الإستراتيجية غير المباشرة مسيطرة وسائدة كما تزداد أهمية عامل الوقت الى حد كبير ويتقلص عامل القوة فيها ، إلا أنه يبقى ماثلا.
– 3 الاستراتيجية المعاصرة
تعتمد على اختيار الأسلوب المناسب والممكن والملائم لحالة معينة ، فلم يعد الخيار العسكري هو المطروح دائما بل هناك وسائل أخرى كاستخدام القدرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والمعنوية التي تؤدي إما منفردة أو مجتمعة إلى بلوغ الاغراض المحددة ، أي استخدام الوسائل المتنوعة والمختلفة من أجل بلوغ الأهداف.
ويمكن الحديث هنا عن الاستراتيجيات الامريكية المعاصرة :
استراتيجية الاحتواء أبرز تجلياتها منع الاتحاد السوفياتي من التوسع داخل المعسكر الغربي والعالمي ، لذلك أنشأت الولايات المتحدة العديد من التحالفات الدولية العسكرية أبرزها حلف شمال الأطلسي ، كما استخدمت القوة العسكرية لمنع التوسع السوفياتي في فيتنام وكوبا وأفغانستان .
استراتيجية الردع أي الردع النووي المدمر ، من أجل منع الخصم من الهجوم على الولايات المتحدة.
الاستراتيجية الوقائية تتجلى في الحروب الاستباقية التي خاضتها الولايات المتحدة ضد المجموعات الإرهابية والدول المارقة التي تمتلك اسلحة الدمار الشامل.
نفس الأمر فعلته اسرائيل عندما هاجمت المفاعل النووي العراقي سنة 1983.
رابعا : المرتكز الاقتصادي
العوامل الاقتصادية تلعب دورا حاسما في قوة الدول أو ضعفها في العلاقات الدولية ، بل إنه يلعب دورا مهما في خلق النزاعات فالنقص في الموارد الاقتصادية يمكن أن يسبب حربا ويمكن أن يساهم في خلق التعاون.
مظاهر الصراع حول الثروات الاقتصادية
1- التسابق الاستعماري كان سببه الثورة الصناعية والحاجة إلى الموارد الطبيعية والأسواق
التصريف المنتجات.
2- الحرب العالمية الأولى كان سببها الخلاف الفرنسي الألماني حول منطقة الالزاس واللورين
وهي معروفة باحتوائها على موارد معدنية مهمة
3- الحرب العالمية الثانية كان من أسبابها النزعة التوسعية لدى الطليان والألمان
4- العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 كانت غايته السيطرة على قناة السويس
5- النزاعات حول الحدود أسبابها اقتصادية
6- النزاعات حول المناطق البحرية سببه الموارد البحرية
7- التطور الصناعي في أوروبا وأمريكا أدى إلى نشوء دول متقدمة متطورة وأخرى متخلفة العامل الاقتصادي صلة وصل بين الدول يمكن اعتبار العامل الاقتصادي صلة الوصل بين الدول وسببا من الأسباب التي تدفعها للتعاون فيما بينها ، وهذا هو الاتجاه الذي سارت فيه الدول بعد الحرب الباردة.
والاقتصاد يمثل عامل وحدة وتجمع بين الدول ، فالدول الصغرى مرغمة على أن تتجمع وتتوحد اقتصاديا مع بعضها ، لمواجهة الاقتصاديات الكبرى، والدول الغنية لا تتوقف عن التدخل اقتصاديا في الدول الصغرى، لذلك تطالب الدول النامية بإيجاد نظام دولي اقتصادي عادل يقوم على التعاون وليس الاستغلال.