التلقيح الصناعي في القانون الجزائري

التلقيح الصناعي في القانون الجزائري والشريعة الإسلامية والقانون المقارن

التلقيح الصناعي في القانون الجزائري

التقديم

يشهد الطب الحديث تطورًا متسارعًا في مجال الإنجاب وعلاج العقم، حيث أصبح التلقيح الصناعي وتقنيات المساعدة الطبية على الإنجاب من أبرز الوسائل التي وفرتها العلوم الطبية لتحقيق حلم الأبوة والأمومة للأزواج الذين حالت دونهم موانع طبيعية. غير أنّ هذه التقنيات، على الرغم من قيمتها الإنسانية والعلمية، تثير إشكالات عميقة ذات طابع قانوني وشرعي وأخلاقي، لما لها من ارتباط مباشر بمسائل النسب، وحماية الأسرة، وصون الكرامة الإنسانية، وما يترتب عنها من حقوق والتزامات.

في الشريعة الإسلامية، حظي موضوع التلقيح الصناعي باهتمام واسع من العلماء والهيئات الفقهية، الذين سعوا إلى تحقيق التوازن بين حاجة الأزواج للإنجاب، ومقاصد الشريعة في حفظ النسل والعرض. فسمح الفقه الإسلامي ببعض صور التلقيح الصناعي متى تمت في إطار العلاقة الزوجية الشرعية وضوابطها، في حين رفض رفضًا قاطعًا الصور التي تُفضي إلى اختلاط الأنساب أو انتهاك لحرمة الجسد.

أما القانون الجزائري، فقد حاول التوفيق بين المرجعية الإسلامية من جهة، والضرورات الطبية والاجتماعية من جهة أخرى، فوضع أحكامًا خاصة لتنظيم تقنيات المساعدة الطبية على الإنجاب، بشكل يراعي القيم الدينية والأخلاقية، مع ضمان حقوق الزوجين والطفل على السواء. وهو ما يستدعي دراسة معمقة لمدى انسجام هذا التنظيم القانوني مع أحكام الشريعة الإسلامية والاتجاهات القانونية المقارنة.

وفي القانون المقارن، نلاحظ تباينًا في المواقف؛ إذ اختارت بعض التشريعات الغربية نهجًا مرنًا يقوم على تكريس حرية الفرد في الإنجاب باستخدام مختلف الوسائل الطبية، بينما اتجهت تشريعات أخرى إلى تقييد هذه الممارسات استنادًا إلى اعتبارات دينية أو اجتماعية أو أخلاقية.

إشكالية البحث

تتمحور الإشكالية الرئيسة لهذه الأطروحة حول التساؤل التالي:
إلى أي مدى يوفق القانون الجزائري بين أحكام الشريعة الإسلامية ومتطلبات التطور الطبي في مجال التلقيح الصناعي، وما موقعه مقارنة بالأنظمة القانونية الأخرى؟

أهداف البحث

  • تحليل الإطار الفقهي للتلقيح الصناعي في الشريعة الإسلامية، وبيان الضوابط الشرعية الحاكمة له.
  • دراسة التنظيم القانوني الجزائري للمساعدة الطبية على الإنجاب وتوضيح خصوصياته.
  • مقارنة الموقف الجزائري والإسلامي مع المواقف القانونية الدولية.
  • إبراز التحديات العملية التي يطرحها التلقيح الصناعي على المستوى القانوني والشرعي.

فرضيات البحث

  • القانون الجزائري استلهم أحكامه في مجال التلقيح الصناعي من الشريعة الإسلامية بالدرجة الأولى.
  • هناك نقاط التقاء بين التنظيم الجزائري وبعض النظم القانونية المقارنة، خاصة فيما يتعلق بحماية النسب.
  • الحاجة قائمة لتطوير الإطار القانوني الجزائري بما يواكب المستجدات الطبية ويحافظ على المرجعية الإسلامية.

أهمية الدراسة

تنبع أهمية هذه الدراسة من كونها تسعى إلى معالجة موضوع حساس يجمع بين التطور العلمي والقيود الشرعية والقانونية، وهو ما يجعلها ذات قيمة نظرية وعملية، سواء للمشرع أو للفقهاء أو للباحثين في مجال القانون والأسرة.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك لو تتكرم بدعمنا ، وقم بتعطيل إضافة مانع الإعلانات لتصفح المحتوى .